أعدت قراءة روايات هاري بوتر ووصلت للصفحة الأخيرة من الرواية الأخيرة في الفجر، لم أنم إلا نصف ساعة ربما ولم أرغب في تشغيل الحاسوب، عجيب ما يفعله الجلوس على كرسي والتركيز على القراءة، الكتاب يصبح وجبة شهية ولا أود التوقف عن القراءة.
استخدمت روايات هاري بوتر كمقياس لمدى تقدمي في فهم اللغة الإنجليزية وبهذه القراءة علي أن أبحث عن مقياس آخر لأنني وصلت لحد أفهم فيه كل شيء في هذه الكتب، وفي السنوات الماضية يبدو أنني فقدت شيئاً كان يربطني بهذه الكتب فقد كانت كالمكان الجميل الذي أعود له مرة بعد مرة بحثاً عن الهدوء والأمان وشيء من الثبات في عالم لا يتوقف عن التغير، أقول قرأت الروايات لكن في الحقيقة عشت الروايات وتفاعلت مع أحداثها وكان لي ارتباط بشخصياتها وخصوصاً روبيس هاغريد، لو كان شخصاً حقيقياً لتمنيت لقاءه.
مضت سنوات عديدة منذ قرأت هذه الروايات وتغيرت شخصياً ولم أعد بحاجة للمكان الذي وفرته الروايات، لذلك أقول أنني قرأتها لآخر مرة لكن من يدري لعلي أتوق للعودة لها مرة أخرى في يوم ما.
هناك بعض ما انتبهت له عند قراءتي للروايات: الناس لا يصدقون شيئاً ما لم يحدث أمامهم وحتى بعضهم لا يصدق ما تراه عيناه وبعضهم لا يريد أن يصدق خبراً سيئاً، عودة فولدمورت لم يرها أحد إلا هاري وعودته بعد سنوات من غيابه جعل جزء من الناس ينكرون الحقيقة لأنهم لا يثقون بهاري أو دمبلدور، أو ببساطة لا يريدون تصديق حدث مخيف لأن إنكاره سيكون أسهل لهم إلى أن تضربهم الحقيقة وعندها يكون الوقت متأخراً لأن مصيبة حدثت لهم، كان بإمكانهم تجنب المصيبة أو على الأقل تأخيرها بالاستعداد لها لكنهم ينكرون الحقيقة.
وزير وزارة السحرة وهو أعلى سلطة في عالم هاري بوتر أنكر الأمر كذلك وإنكاره هنا له أثر أكبر لأن الوزارة بدأت ولعامين في تشويه سمعة هاري ودمبلدور وحاول الوزير كذلك أن يتحكم مباشرة بالمدرسة، الوزير أصبح أكثر خوفاً على منصبه ولديه ارتياب من دمبلدور مع أن مدير المدرسة رفض كل عرض ليصبح الوزير وفضل أن يبقى في المدرسة، في الرواية الأخيرة يشرح دمبلدور لم فعل ذلك فقد كان يخشى من أن تفسده قوة السلطة وأن يحاول أن يسعى لفعل الصحيح والخير لكنه يتسبب في الأذى للناس.
الوزارة عينت مدرسة للمدرسة وقد كانت ولا زالت شخصية مكروهة حقاً وهي شخصية نراها في عالمنا كذلك بأشكال مختلفة، فقد كانت المدرسة تعرف القوانين والإجراءات وتستخدمها لإيذاء الناس ولتعزيز سلطتها، ولم تكن واحدة من أتباع فولدمورت لكنها كانت تعمل في خدمته سواء عرفت ذلك أم لم تعرف، وجود هذه المرأة في موقع سلطة مهم جعلها وسيلة للاستبداد ولم يكن هدفها هنا خيراً بل تفعل ذلك لشهوة السلطة والتحكم بالآخرين وتجد متعتها في إيذاء الآخرين.
إنكار الناس للحقيقة وإنكار أصحاب المناصب لها أدى إلى حدوث مآسي عديدة كان بالإمكان تجنبها، تشويه الوزارة لسمعة البعض وعدم نشرها للحقائق أخر تحرك الناس لحماية أنفسهم وتحرك الوزارة نفسها لحماية الناس، شهوة السلطة قد تفسد أي شخص ووجود شخص فاسد في منصب مهم أدى إلى الاستبداد وخدمة أصحاب المناصب لأنفسهم بدلاً من خدمة الناس، هذا أكثر ما انتبهت له لأنه أكثر جزء واقعي من هذه الروايات.
هذا كل ما لدي، الآن علي أن أبحث عن كتاب أو كتب تقدم تحدياً أكبر.