لماذا كانت الحواسيب ممتعة في الماضي؟

كتبت في هذه المدونة عن الحوسبة بلا شبكة وكذلك على الورق وعن البرمجة كهواية ووضعت العشرات من الروابط لحواسيب صنعها الناس بأنفسهم ولحواسيب من الماضي ما زالت تستخدم، كل هذه الروابط والأفكار هي محاولة لاستعادة متعة استخدام الحاسوب وهو موضوع أجده يتكرر في الشبكة لأنني أزور مواقع أناس يهتمون بنفس الأفكار، وصلت مؤخراً لمقال يسأل لماذا كانت الحواسيب ممتعة في الماضي؟ والعنوان يصف الأسباب بأنها نخبوية وصريحة.

بمجرد قراءة العنوان عرفت بالضبط ما الذي سيقوله الكاتب ولماذا وصف رأيه بالنخبوي، لكن تحدث أولاً عن الأسباب التي تتكرر في مقالات مماثلة:

  • الحواسيب القديمة كانت أبسط.
  • الأجهزة القديمة كانت محدودة.
  • لم يكن هناك اتصال بالإنترنت.
  • الإنترنت كانت نصية، سأشرح هذه النقطة أكثر لاحقاً.
  • الناس الذين يكتبون هذه المقالات كانوا صغاراً عندما طرحت حواسيب الماضي.

بخصوص الاتصال بالإنترنت، أكثر الناس لم يكن لديهم اتصال بها لكن عندما يجدون فرصة فهي شبكة نصية، والناس الذين يتصلون بشبكات من منازلهم فاتصالهم لا يكون للإنترنت بل لشبكة محلية من نوع BBS وهي شبكة نصية وإن كانت ملونة وتحوي رسومات نصية، ووصفها بالشبكة ليس دقيق لكن هذا ليس وقت شرح ماهيتها.

ثم يذكر الكاتب ردود يكتبها البعض بأن الحواسيب اليوم أرخص وأفضل والإنترنت منتشرة أكثر ويمكن الوصول لها بسهولة وواجهات الاستخدام اليوم أسهل وأعطت فرصة لعدد أكبر من الناس لاستخدام الحواسيب، وهنا يضع الكاتب النقطة الأساسية لمقاله: الحواسيب كانت ممتعة في الماضي لأنها لم تكن للجميع.

في الثمانينات والتسعينات الحواسيب كانت شيء جديد في المنزل والمكتب إلا المؤسسات الكبيرة، حتى نهاية التسعينات كان امتلاك حاسوب مكتبي للمنزل فكرة جديدة، والكاتب يرى أن انتشار الحواسيب والإنترنت جعلهما أقل متعة، وهذا صحيح جزئياً، يمكنك أن ترى نفس النمط يتكرر في أي مكان على أرض الواقع أو في الشبكة.

تصور أنك تزور مقهى قريب كل يوم وتعرف العاملين هناك ويعرفونك وترى وجوهاً مألوفة كل يوم، المقهى محلي وعدد زواره قليل وهو مكان يعجبك لهذا السبب، ولأننا في عصر الشبكات الاجتماعية لنقل أن أحد المؤثرين زار المقهى وصنع له فيديو وهذا دفع بالسياح لزيارته، الآن المقهى مزدحم كل يوم والعاملون هناك ليس لديهم وقت للانتباه لك أو للحديث معك كما كانوا يفعلون، الوجوه لم تعد مألوفة بل ترى الغرباء كل يوم، المكان تغير والتغيير لا يعجبك، ستتوقف عن زيارته وستبحث عن بديل أو قد لا تبحث.

شخصياً لا أرى أن متعة الحاسوب تناقصت مع تزايد عدد المستخدمين بل كنت متحمس لتزايد عدد الناس وتنوع المواقع والمنتديات والمدونات، متعة الحاسوب تراجعت عندما تغيرت طبيعة الإنترنت أو الويب من اللامركزية إلى المركزية، ومن التنوع الكبير إلى هيمنة قلة على الساحة، ما كان محيطاً متنوعاً أصبحت تهيمن عليه مؤسسات ضخمة لا يمكن تجاهلها أو تجنبها وفقدنا التنوع وفقدنا كذلك المقهى الصغير المحلي الذي كنا نزوره كل يوم ونعرف العاملين فيه ونرى الوجوه المألوفة كل يوم، المجتمعات الإلكترونية الصغيرة التهمت وذهب الجميع نحو الساحة العامة المكتظة بسارقي الانتباه.

هناك ما ذكره الكاتب وأوافق عليه بأن الحواسيب أصبحت منتجات للمستهلكين وأنها أصبحت جزء من المجتمع ويصعب العيش بدونها وهذا واضح في حالة الهاتف الذكي، ما كان اختيارياً أصبح إجبارياً وهذا لا شك يقتل متعة أي جهاز، الحواسيب كانت للكثيرين مجرد هواية وليست أداة عمل.

لا شك هناك طرق لاستعادة متعة استخدام الحاسوب وسبق أن وضعت رابط لشخص كتب قائمة عشر أشياء يجدها ممتعة في عالم الحاسوب والإنترنت، إن كان هذا ما تريده فعليك أن تبحث عما يسعدك وتفعله بنفسك، بعيداً عن الشبكة وعن الناس، شارك بتجاربك لكن لا تجعل المشاركة دافعك.

2 thoughts on “لماذا كانت الحواسيب ممتعة في الماضي؟

  1. أتفق معه وأتفق معك أيضاً .. الندرة تعطي سحراً خاصاً لأي شيء والاعتياد يقتل ذلك السحر ومن طرف آخر تسلط الشركات الكبيرة ووصايتها على الناس قضى على متعة امتلاك حاسب.
    بالنسبة لي أتفق مع أن المشكلة متعلقة بشكل أساسي بتحول الحاسب الى أداة استهلاكية وبالتخمة في الميزات والخصائص المتواجدة حالياً من ناحية قوة القطع ومن ناحية توفر برمجيات كثيرة تؤدي لك كل شيء .. من الأبرة للصاروخ كما يقولون.
    زمان كنا لا نكف عن تعلم أشياء جديدة وكان لهذا متعة كبيرة لأن تعلم الأمور المتعلقة بالحواسب كانت تحدياً خصوصاً في فترة التسعينات والسنوات القليلة التي تلتها.
    لا أعتقد أن الشبكة بحد ذاتها هي السبب وإنما ما تحتويه .. كان من الجيد أن يكون هناك اتصال بين الناس ولكن لأمور أهم من أكوام التفاهة المتواجدة حالياً.
    ما زلت أعتقد أن هناك إمكانية للعودة لمتعة الحواسيب بخلق الندرة والابتعاد عن الاستهلاك قدر الامكان وعن الكف عن التعامل مع الحاسب وكأنه مركز تجاري يحتوي كل شيء.

    1. ما تقوله حول ازدياد الخصائص صحيح، أجد متعة في الأبسط والأصغر، جزء مهم من العودة إلى لينكس سببه هذا؛ أنني أود أن أعود لإعادة تعلم الأشياء وتبسيط البرامج التي أستخدمها وصنع أدوات أعتمد عليها، لدي قائمة أفكار حول ما أريد فعله في لينكس وأنا متحمس للانتقال لكن لا أريد الاستعجال.

      من ناحية أخرى أرى أن العودة للمجتمعات الأصغر والمتخصصة ضروري للابتعاد عن التفاهة، غالباً هذه الأماكن لن يزورها مرتادي الشبكات الاجتماعية بل فقط المهتمين، والتخصص يضمن بقاء المكان ضمن حدود الموضوع.

Comments are closed.