
(1)
في سلسلة تغريدات (وليس ثريد) تحدث الكاتب أوستن كليون عن بعض الأفكار المتعلقة بالحاسوب، اقرأ سلسلة التغريدات أولاً، ذكر أوستن فكرة الدراجة الهوائية للعقل وهي مقولة لستيف جوبز يصف فيها الحاسوب بأنه أداة تساعد العقل على فعل المزيد كما تساعد الدراجة الهوائية على قطع مسافات كبيرة بفعالية، هذه مقولة قديمة في وقت كانت الحواسيب الشخصية شيء جديد نسبياً وكثير من الناس لم يملكوا حاسوباً إلا في أواخر التسعينات.
الشركات المصنعة للحواسيب غيرت طبيعة الحاسوب وأصبح الناس أو المهتمين بالتقنية ينتقدون الحواسيب والبرامج والخدمات لأسباب كثيرة، حتى ستيف جوبز نفسه لم يعد يتحدث عن الدراجة الهوائية للعقل بعد عودته لأبل وتحويلها لشركة منتجات استهلاكية بصنع آيبود، أو ربما فكرته عن الدراجة الهوائية للعقل كانت مختلفة عما نظن وما يفكر به البعض وهو نموذج الحاسوب كما صممه دوغلاس إنجلبارت، الحاسوب يفترض أن يكون أداة تساعد على البحث والتعلم والتفكير.
أوستن ذكر في تغريداته مقال تحول لكتاب وكلاهما بعنوان لماذا لن أشتري حاسوباً؟ وهو مقال نشر في 1988 وأود الآن أن أشتري الكتاب لأقرأه لأنني ومنذ سنوات عدة في شك من فائدة الحاسوب، لو أخبرني شخص عن هذا المقال في منتصف التسعينات فردي سيكون رد مراهق واثق أن العالم كله على خطأ وسأخبرك بسخافة أن يظن شخصاً أن الحاسوب غير مفيد لكن الآن لدي شك … شكوك.
ليس لدي شك في أن الحاسوب يقدم فائدة لكن هل الفائدة تبرر التكلفة التي يدفعها العالم لاستخدام الحواسيب والشبكات؟ لا أتحدث عن المال فقط بل عن البيئة وعن الأضرار الاجتماعية وعما ربما فقدناه ونسيناه في الماضي لأن الأجيال تذهب والذكريات تتلاشى معهم، جديد اليوم ليس بالضرورة أفضل من القديم، وقد كتبت مرات عدة في هذه المدونة أعرض بعض جوانب استخدام الحاسوب في الماضي ولم أجده أفضل من الحاسوب اليوم، والأفضلية ليست حول المواصفات بل طبيعة علاقة الناس بالحاسوب وطبيعة علاقة الشركات بالحاسوب وتقنياته.
ومما سنفقده هو تذكر كيف كانت التقنيات تعمل قبل الحاسوب، لدي اهتمام بالمكتب وتاريخه وهذا يشمل أنواع من الأدوات والقرطاسية التي استخدمها الناس والمؤسسات لإدارة المعلومات، كل هذه الأدوات استبدلت بالحاسوب فهل الحاسوب أفضل منها؟ قبل سنوات عدة إجابتي ستكون نعم وبثقة تامة، الآن؟ لدي شك.
الهاتف أصبح ذكياً وبمرور السنوات أصبح شيئاً لا يمكن لبعض الناس التخلي عنه، وفي بعض الدول أصبح امتلاكه شيئاً إلزامياً حتى لو لم يفرض ذلك بالقانون، عدم امتلاكه سيجعل الحياة مستحيلة على البعض، حتى لو تخلى الفرد عن الهاتف الذكي فالضغط الاجتماعي قد يكفيه ليجبره على العودة له، هذا نوع من العبودية أو ربما كلمة العبودية مبالغ فيه لذلك هذا نوع من تقييد حرية الفرد، حرية أن يكون حراً من قيود التقنية التي قد يفرضها عليه المجتمع.
هذا النقاش المتكرر عن الحاسوب والهاتف الذكي قد يضايق البعض لكن عليك أن تقارنه بعلاقة الناس بالكتاب الورقي مثلاً أو الورق والقلم، هذه أدوات بسيطة تخدم الفرد وعلاقة الناس بها أبسط، لا أظن أن أحداً ستكون لديه علاقة معقدة بالقلم والورق، حتى من يفضل استخدام الحاسوب للكتابة (مثلي) يجد متعة في الكتابة على الورق، الحاسوب بالمقارنة جهاز معقد ومن الطبيعي أن تكون علاقة الناس به معقدة؛ خصوصاً اليوم.
(2)
في موضوع مختلف تماماً أود الحديث عن العملات وبالتحديد العملات المعدنية، في تصفحي لأحد المواقع رأيت عملات مربعة الشكل وجعلتني أتسائل عن أشكال العملات غير التقليدية، الشكل المألوف للنقود أن تكون دائرية؛ فما هي الأشكال الأخرى؟
هناك الكثير منها وبدلاً من وضع صور لها سأشير لروابط ويمكنك رؤيتها بنفسك:
- عملات من مجموعة الملكة، بعض العملات تصنع للاحتفال بمناسبة وليست عملات مالية.
- عملات تصنع من الصخور، حجمها كبير ويصعب نقلها ولذلك تبقى في مكانها مع تغير مالكيها، هذه العملات يجب أن تجعلك تفكر: لم العملة لها قيمة؟ وكيف تفقد العملة قيمتها؟
- مقال ويكيبيديا عن أشكال العملات
- مقال يجمع صور عملات مختلفة، لاحظ شكل آخر عملة في المقال.
- عملة على شكل سكين، عملة صينية قديمة.
- عملة صينية أخرى قديمة، شكل غير مألوف اليوم.
- عملات بلاستيكية من دولة غير معترف بها
أضف لذلك ما يصنعه الناس بأنفسهم من عملات كهواية، عملات شخصية أو عملات لألعاب، كذلك البعض يصنع عملات تعتمد على تصميم من روايات مثل سيد الخواتم أو هاري بوتر أو المئات من الروايات الأخرى وكذلك ألعاب الفيديو، إن بحثت ستجد مقالات تشرح كيف يمكن سك عملات شخصية.
موضوع آخر يهمني هنا وهو استخدام بعض المدن لعملات خاصة لتشجيع الاقتصاد المحلي، لكن هذا يحتاج لموضوع منفصل ولا أظن أنني سأكتبه قريباً.
(3)
كان هناك أناس يحملون معهم حقائب خاصة للكتب، منهم الكاتب الأمريكي همينغواي، تصور أن تسافر ومعك حقيبة مثل هذه:
هذا كل شيء، أود فقط عرض صورة لشيء يعجبني كثيراً، فكرة أن تكون المكتبة في حقيبة يمكن السفر معها … ولا، الكتاب الإلكتروني ليس بديلاً!
اتفق معك ان علاقة الناس بالكمبيوتر وبالاجهزة الالكترونية بصفة عامة قد تغيرت في الوقت الحالي عما كانت عليه في السنوات الماضية لكن اعتقد انه مثل اي تغير يحدث علي مدار تاريخ البشر يبدأ بثورة جديدة في التكنولوجيا ثم بظهور الاشياء السلبية ثم بظهور شكل من اشكال الاعتدال والعقل في التعامل مع تلك التكنولوجيا.
السيارة كمثال ربما تكون صنعت ثورة في بدايتها ثم تحولت الي عبء علي البيئة والانسان ثم تتوجه الآن الي محاولة تلافي او تدارك العيوب والمشاكل الناتجة عن استخدامها .
اعتقد ان المشكلة ليست في استخدام الكمبيوتر والالكترونيات ولكن اعتقد اننا لم نصل بعد الي مرحلة النضج في التعامل مع تلك التقنيات في حياتنا الأمر الذى يجعل لازلنا في مرحلة التطور في كيفية التعامل معها وكيفية معالجة مشاكلها .
ربما الزمن كافي لنصل الي مرحلة تكون هناك تصالح ما بين البشر وما بين تلك التكنولوجيا بحيث نحصل علي اكبر قدر ممكن من الاستفادة منها بدون او بقدر قليل من المشاكل الناجمة عن استخدامها .
فعمر الكمبيوتر والمحمول لم يتخطي بعد المائة عام واعتقد انه رغم كل الطفرات والابتكارات التي حدثت في تلك الاجهزة لا تزال قصيرة العمر الي حد ما مقارنة باشياء اخري اعتدنا عليها في حياتنا كالكتابة والأقلام والادوية التي اصبحت من المسلمات الآن .
فربما ما نحتاج اليه لتكون العلاقة جيدة مع تلك التقنيات هو مجرد مرور الزمن عليها بالقدر الكافي .
جزء كبير من المشكلة يكمن في الشركات التقنية الكبرى فهي السبب الأكبر في تغير علاقة الناس بالحاسوب، تحول البرامج من منتجات إلى خدمات تعتمد على الشبكة، إنشاء الشبكات الاجتماعية، الاعتماد على تطبيقات الهاتف، جمع معلومات الناس واستخدامها لبيع الإعلانات وأحياناً بيع البيانات نفسها لشركات أخرى وللحكومات، كل هذا سببه الشركات، وهذه مشكلة الطمع والرأسمالية وليست مشكلة تقنية.
أرى أن الناس كانت علاقتهم بالحاسوب جيدة لفترة ما بين نهاية السبعينات وحتى 2010 تقريباً عندما كان الحاسوب الشخصي شخصي حقاً، مع الانتقال للاتصال الدائم بالشبكة وطمع الشركات في مزيد من التحكم والمال والبيانات تغيرت الأمور للأسوأ.
علاقة الناس بالحاسب تغيرت جداً منذ الأيام الأولى لانتشار الحاسب الشخصي حتى الآن، كان الحاسب في العموم وحدة مستقلة خاصة تحمل هوية وبصمة المستخدم بحيث تستطيع على سبيل المثال تخصيص واجهات نظام التشغيل بشكل مرن أكثر من الآن بكثير .. هم يركزون هذه الأيام على الوضع المظلم بشكل أحمق تماماً .. معذرة على التعبير ..
لم يكن هناك حاجة حقيقية للاتصال بالانترنت وكانت البرامج تأتي على أقراص ليزرية أي أنك تملكها بشكل حرفي .
كان الناس يشترون الحواسب لتعلم المهارات وأصبحوا يشترونها للتصفح أو ينصرفون عنها لشراء هاتف ذكي يحملونه معهم أينما ذهبوا.
الآن أصبحت العملية تجارية تماماً ولم يعد هناك مجال للابداع الحر وأصبح احتكار كل شيء هو سيد الموقف .. لذلك لم أعد أرى أن الحواسب الشخصية بقيت شخصية من الأساس للأسف.
كل ما قلته صحيح وقد دفع بفئة من الناس للتوجه نحو خيارات أخرى ومن بينها صنع أنظمة تشغيل خاصة وواجهات خاصة وحتى البعض ترك الحياة المألوفة للعيش بأسلوب مختلف مثل العيش في قارب والاعتماد الكلي على البرامج التي يصنعونها بأنفسهم، هناك أناس يريدون حقاً أن يستعيدوا السيطرة على الحواسيب وإعادتها لتصبح شخصية حقاً وهذا قد يتطلب التخلي عما تقدمه التقنية اليوم.
إذا شاهدت أفلام الويسترن فترة الحرب الأهلية الأمريكية .كانت كل مزرعة لديها عملتها الخاصة أو كل بلدة .كذلك في تونس كانت شركة المناجم الفرنسية لديها عملتها الخاصة للتداول داخل المكان .كذلك في السجن أعزكم الله لديهم نظام عملات خاص قائم على السجائر .العملات المحلية تشبه عملات الكريبتو .فإذا إتفقنا انها تصلح للمعاملة على نطاق ضيق يمكننا تعميمها
أضف ذلك الكتاب في قائمة أمنياتك على امازون.
أي كتاب تعني؟ كتاب لماذا لن أشتري حاسوباً أضفته لقائمتي في أمازون منذ كتبت هذا الموضوع 🙂
بحثت البارحة ولم أجده
شركة المناجم هذه تذكرني بما قرات عن شركة مناجم أمريكية تفعل نفس الشيء وبهذه الطريقة تبقي العمال يحتاجون لها.