الفيديو يعرض جهاز حاسوب وبالتحديد أتاري أس تي (Atari ST)، الجهاز صنع في 1985 ويعمل إلى اليوم بدون مشكلة في إدارة مشروع صغير وهو مشروع مخيم يمكن للناس استئجار مساحة فيه، الجهاز يعمل بمعالج موتورولا 68000 وبسرعة 8 ميغاهيرتز، الذاكرة 1 ميغابايت والشاشة أحادية اللون لكن تعمل بواجهة رسومية يقدمها نظام جيم (GEM).
مالك المشروع صنع بنفسه برنامجاً لإدارة مشروعه ويستخدم الجهاز للمحاسبة والضرائب كذلك، البرنامج لا يمكنه نقل البيانات لحاسوب جديد، لكن يمكن نقل البرنامج لحاسوب جديد باستخدام المحاكاة لكن الرجل يقول بأنه يفضل حاسوبه القديم لأنه يشتغل بسرعة مقارنة بالحاسوب الشخصي، الجهاز يعمل لست أشهر في العام بدون توقف ولم يتعطل مرة، الشيء الوحيد الذي تعطل هو مشغل القرص المرن الذي استبدله بواحد حديث.
الفيديو لم يذكر البرنامج أو لغة البرمجة التي استخدمها صاحب المشروع لصنع البرنامج، أود معرفة ذلك.
لماذا أنا معجب بهذا؟ لأنني أحب رؤية الأشياء تستخدم لوقت طويل ما دام أنها تعمل، نحن في عصر يغير بعض الناس هواتفهم كل عام ويرى البعض أن حاسوباً صنع قبل خمس سنوات أصبح قديماً ويحتاج لاستبدال في حين أنه يعمل بكفاءة ويمكنه أن يستمر لعشر أعوام أخرى على الأقل، أن يغير الناس ما يشترونه من أجهزة باستمرار أدى إلى كارثة بيئية وهذا هدر لموارد مختلفة، لكن الشركات من مصلحتها أن تجعل الناس يرغبون دائماً في استبدال ما لديهم.
النقطة الثانية هنا أن أي مشروع يحتاج لنظام معلومات، أي مؤسسة تحتاج لنظام لتعرف ما الذي حدث ويحدث وأين ذهبت الموارد وكيف أنفق المال وما هي العوائد وغير ذلك، مشروع صغير يديره فرد سيحتاج لنظام أبسط بكثير من مؤسسة يعمل فيها ألف شخص، الرجل في الفيديو صنع نظام معلومات يناسبه وطوره بحسب الحاجة، لم يجد حاجة للانتقال لحاسوب جديد أو برامج جديدة، لم يجد حاجة للانتقال إلى تطبيقات الويب أو الهاتف، ما دام النظام القديم يعمل بكفاءة فلم التغيير؟
هذا يجعلني أفكر في كم البرامج والأجهزة التي تستخدم لإدارة أنظمة المعلومات اليوم، هل كل مؤسسة بحاجة فعلاً لأحدث التقنيات؟ لا شك لدي أن بعض المشاريع التجارية الصغيرة يمكن إدارتها بالورق ويمكن تصميم نظام معلومات فعال وبسيط يعتمد كلياً على الورق، يمكن كذلك للمؤسسات الصغيرة أن تستخدم حواسيب قديمة ببرامج قديمة وتصنع لها نظام معلومات جيد ولا ينقصه شيء، يمكن كذلك استخدام جهاز صغير الحجم والأداء مثل رازبيري باي أو ما ماثله.
لا تحتاج كل مؤسسة أن تشتري أحدث الحواسيب وتستخدم تطبيقات الويب والهاتف، أرى أن التوجه نحو الحلول الأبسط والمحلية سيكون أفضل للمؤسسة من الاعتماد على حلول تقدمها شركات أخرى.
النقطة الثالثة حول الفيديو، أعجبني أن الرجل برمج الجهاز بنفسه، هذا ما يفترض أن يحدث أكثر، أن يطور الناس الحلول المناسبة لهم، الحواسيب القديمة مثل الذي في الفيديو وكومودور 64 وغيرها كانت بسيطة تقنياً ويمكن برمجتها بسهولة وقد فعل ذلك الكثير من الناس في ذلك الوقت، هذه الفكرة تحتاج أن تعود بثوب جديد لكن لا أتوقع أن يحدث ذلك، الشركات حولت الحواسيب لأجهزة استهلاكية والناس يفضلون شراء الحلول بدلاً من تطويرها.
بالطبع لا شيء يمنع الفرد من أن يتعلم البرمجة ويطور بنفسه ما يريد، لكن هناك فرق بين حاسوب يمكن برمجته مباشرة بعد تشغيله وحاسوب آخر يحتاج منك أن تنزل بيئة برمجة له.
صحيح الحل اﻷبسط هو اﻷفضل، ومادام الأداة تعمل فليس هُناك داعي لتغييرها من أجل التغيير.
في الماضي كانت الصناعة متقنة لتعيش دهراً، أما الآن فالعجلة جعلت الصناعة مرتجلة ولا تعمر كثيراً ومعقدة تحتاج إلى متابعة وتتطلب خدمات ما بعد البيع كما يسمونها، أحياناً تكون تكلفتها أعلى من تكلفة المُنتج نفسه.
العالم لا يمكنه الاستمرار بهذا الأسلوب والكل يدرك ذلك لكن تقديم الأرباح على حساب كل شيء يعمي الشركات عن فعل ما هو صحيح، تقديم الاستمرارية والجودة ولو على حساب الأرباح يجب أن يفرض بالقانون.
تدوينة مفيدة جداً هي والأفكار التي فيها .. كثير من الناس لا تدرك قيمة أن تصمم احتياجاتك بنفسك والتحكم الكامل والشعور الايجابي الذي يرافق ذلك .. الحلول الجاهزة حقاً مكلفة وتقدم لك مزايا لن تستعملها .. وللأسف كما ذكرت في النهاية أنظمة التشغيل الحديثة تأتي من دون بيئة برمجة أي أنها استهلاكية ليس أكثر.
شكراً أخي الكريم، هناك توجه من أناس خارج نطاق عالم التقنية الحالي لتشجيع الناس على الاكتفاء الذاتي وتعلم البرمجة، هؤلاء الناس لا يجدون تغطية من المواقع التقنية لأن ما يفعلونه مختلف عما هو مألوف، لكن لدي أمل بأن هؤلاء الناس سيصبحون تياراً كبيراً لكي يجعل الناس ينتبهون لهم.
أفكارهم عن الحوسبة تدور حول استخدام حواسيب صغيرة الحجم ومنخفضة الاستهلاك للطاقة وبرمجتها، بعضهم حتى صنع لغة برمجة ومنصة حاسوب خاصة.
الشركات التقنية الكبيرة لن تتغير، لذلك أملي بالتقنيين الذين يحاولون صنع شيء مختلف.