اللعبة غير السعيدة

أستوديو ألعاب الفيديو أمانيتا من التشيك طرح لعبة تسمى اللعبة السعيدة في 2021 وقبل طرحها ذكر الاستوديو أنها لعبة رعب وهذا غير مألوف لهم لأنهم يصنعون ألعاب في غاية الجمال ولطيفة؛ ألعاب بسيطة من نوع التأشير والنقر ويمكن للجميع تجربتها، لعبة اللعبة السعيدة غير مناسبة للأطفال.

اللعبة تبدأ بتحذير بأن هناك مؤثرات ضوئية قد تتسبب بنوبة صرع للبعض أو تكون مزعجة للبعض، ثم تحذر بأن اللعبة تحوي عنفاً هزلياً  وينتهي التحذير بأن اللعبة السعيدة غير سعيدة، اللعبة تحكي قصة صبي ينام ويعاني من الكوابيس، هناك مراحل عدة لكل كابوس، لن أصف شيئاً مما رأيته في اللعبة، التحذير يذكر بعض التفاصيل وأخمن بأن المطورين وضعوه لتجنب بعض النقد من أناس قد يتوقعون لعبة سعيدة ثم يجدون وجبة من العنف الهزلي الدموي.

أعلم أنها لعبة رعب وأنها ستحوي مناظر لا تعجبني، لكن ما وجدته أن العنف والرعب في اللعبة لم يستخدم لهدف ما بل استخدم فقط لأنهم يستطيعون فعل ذلك، ألعاب أمانيتا لها قصة بسيطة تعرض دوافع شخصية اللعبة ولماذا عليها أن تخوض مغامرة، اللعبة السعيدة لم تعرض أي دافع بل هناك طفل ينام ويرى الكوابيس، ما الذي يجعله يرى هذه الكوابيس وصورها؟ لا شيء في اللعبة يشرح ذلك.

أشعر بأن المطورين أرادوا الخروج من دائرة الألعاب الجميلة واللطيفة كنوع من التغيير لكنهم توجهوا نحو نوع من الألعاب لا يناسبهم أو لا يعرفون كيف يوظفون الرعب في قصة يمكن فهمها أو لنقد الواقع، عندما قرأت عن اللعبة قبل سنوات ظننت أنها ستكون قصة عن شيء سياسي أو نقد لتيار فكري ما، الرعب مناسب لهذا الغرض، لكن هذا لم يحدث.

الألعاب الفكاهية اللطيفة يمكنها أن تكون سخيفة بلا هدف لأن الهدف هو رسم الابتسامة وربما دفعك للضحك، الرعب في رأيي يجب أن يستخدم لهدف ما، لم أكن يوماً ممن يحبون الرعب والعنف في أي وسيلة إعلامية، لكن أعلم أن الرعب يمكن توظيفه لهدف ما لكن لا يجب أن يكون الهدف هو إرعاب الناس فقط، الناس لديهم ما يرعبهم يومياً في الواقع، لا حاجة لإضافة المزيد.

مع أن اللعبة لم تجذبني لكن قررت أن أصل إلى نهايتها لعلي أفهم شيئاً في النهاية وهذا لم يحدث، وصلت للنهاية ولم أجد تفسيراً لكل ما رأيته، لذلك لا أنصح بشراء اللعبة.

مغامرات لورا بو: وصية الكولونيل

إن قرأت روايات أغاثا كريستي أو شارلوك هولمز وتخيلت أنك تعيش في عالمها أو تمنيت لو أنك تستطيع فعل ذلك فهناك لعبة تقدم فرصة لتلعب دور المحقق أو على الأقل الشاهد على الأحداث، اللعبة نشرت في 1989 وطرح الجزء الثاني من السلسلة في 1992 ثم توقفت وهذا مؤسف، لأنني وجدت اللعبتين مميزتين على قدمهما وتمنيت لو أن السلسلة استمرت أو على الأقل يعاد إحياءها اليوم كما حدث لبعض ألعاب المغامرات القديمة.

اللعبة من صنع ونشر شركة سيرا أونلاين (Sierra Online) وهي شركة ألعاب فيديو أمريكية معروفة لمحبي ألعاب المغامرات ويمكن القول بأنها أهم شركة لهذا النوع من الألعاب مع أن الشركة لم تعد موجودة، الشركة طرحت سلاسل ألعاب معروفة مثل كنج كويست (King Quest) وهي السلسلة الأشهر وفيها تسعة ألعاب، وهي ألعاب خيالية تعتمد على الأحجيات وتقدم عالماً جميلاً وخطيراً يمكن أن يقتل اللاعب بعشرات الطرق! هذه الألعاب عرفت بأنها لا ترحم لأنها صعبة وتعاقب اللاعب إن لم يفعل الشيء الصحيح.

لورا بو هي الشخصية الرئيسية للسلسلة القصيرة والمختلفة كلياً عن الألعاب الأخرى للشركة، لعبتي لورا بو تركزان أكثر على الشخصيات والقصة وليس الأحجيات، وفي نفس الوقت تحافظ اللعبتين على التقاليد المهمة لشركة سيرا بأن تجعل عالم اللعبة يقتل اللاعب بطرق إبداعية مختلفة.

يمكن إنجاز اللعبة بدون حل أي أحجيات (ليس هناك الكثير منها) ويمكن كذلك عدم معرفة الكثير عن الشخصيات ويمكن أن يصل اللاعب إلى نهاية اللعبة دون أن يعرف الجاني الفعلي خلف الجرائم، اللعبة لها نهايتان ويمكن الوصول لأحدهما بحسب اختيارتك وما تفعله في اللعبة.

وصية الكولونيل

قبل أن تبدأ تسألك اللعبة في البداية عن بصمات شخصيات اللعبة، عليك أن تختار الجواب الصحيح وإلا لن تستطيع أن تستمر وستغلق اللعبة نفسها، هذا أسلوب حماية ضد النسخ وهو أسلوب قديم يعتمد على أن اللاعب اشترى الصندوق ومع الصندوق يأتي كتيب ومكبر لرؤية البصمات ومعرفة الإجابة، هذا شيء لم تعد شركات ألعاب الفيديو تفعله وإن كان بعضها يبيع الصناديق كنسخ خاصة وغالية الثمن تحوي أشيء لا يمكن وضعها في نسخة رقمية.

إن اشتريت اللعبة من متجر GOG فهناك ملفات تساعدك على معرفة الحلول يمكنك تنزيلها من المتجر، بعد تجاوز شاشة الحماية تبدأ اللعبة والبداية بعرض شخصيات القصة على مسرح، العديد من مطوري ألعاب الفيديو يريدون صنع ألعاب تحاكي المسرح والأفلام وهذه لعبة من 1989 تحاول ذلك، باستخدام رسومات بسيطة وست عشر لوناً فقط، ستجد شاشات جميلة وصممت بعناية والمؤثرات الصوتية بسيطة صممت لحواسيب ذلك الوقت، على قدم اللعبة وجدتها ممتعة ويمكن تجربتها أكثر من مرة، أتخيل لو أنني لعبتها في ذلك الوقت ستكون مرعبة بالنسبة لي فهذه لعبة ليست للصغار.

القصة تبدأ في جامعة تولين حيث تجلس لورا بو على كرسي في حديقة، لورا طالبة في تخصص صحافة وابنة محقق في الشرطة، تأتيها صديقتها ليليان لتدعوها إلى منزل عمها هنري، العم يعيش على جزيرة في مستنقعات لويزيانا والجزيرة كانت مزرعة في الماضي، هناك بيت كبير وتدور أحداث القصة في البيت والجزيرة، العم هنري طلب اجتماعاً عائلياً فذهب الجميع لقضاء أيام في بيته، على طاولة الطعام اجتمعت العائلة وجاء الكولونيل ليعلن أنه كتب وصية حيث يرث جميع من اجتمع هناك حصص متساوية (إلا لورا بو) وإن مات أي شخص منهم قبل الكولونيل ستوزع حصته على الباقين ثم ذهب، بدأ الحضور في النميمة وتمني موت الكولونيل بسرعة!

ليليان لم يعجبها النقاش فطلبت من لورا أن تذهبا إلى غرفتهما، هنا تبدأ اللعبة، يمكن التحكم بشخصية لورا من خلال مفاتيح التحريك أو الأسهم على لوحة المفاتيح وكذلك بمؤشر الفأرة لكن استخدم لوحة المفاتيح فهذا أسهل، الزر الأيمن للفأرة يمكن استخدامه للتأشير على أي شيء في الشاشة ومعرفة ما هو، إن كتبت أي شيء سيظهر ما كتبته في نافذة، اللعبة تعيش بين عالمين حيث الألعاب القديمة كانت تعتمد كلياً على الأوامر النصية والألعاب الجديدة ستعتمد على الفأرة فقط كأسلوب وحيد للتفاعل مع اللعبة.

الآن أنت تلعب دور لورا بو وأنت فعلياً محرك القصة بأن تكون شاهداً على الأحداث وتفاعل الشخصيات مع بعضها البعض، هناك ساعة تتقدم كلما كنت شاهداً على حدث مهم أو وصلت لنقطة ما وحدث شيء ما في المنزل أو الجزيرة وعليك معرفة ما الذي حدث وأين.

يمكنك الحديث إلى كل الشخصيات وسؤالهم عن الشخصيات الأخرى والأشياء التي تلتقطها، كذلك يمكنك أن تخبرهم عما حدث للشخصيات الأخرى، هذا كله يحدث بأوامر تكتب بالإنجليزية، مثل:

  • لرؤية الغرفة: look، ولرؤية شيء محدد مثل الأرضية تكتب look floor.
  • للحديث مع شخص: talk Lillian
  • لفتح قفل باب: unlock door وأنت أمام الباب.

هناك دليل استخدام يعرض هذه الأوامر، اللغة بسيطة ولست بحاجة لأن تتقن الإنجليزية لتستخدم الأوامر.

القصة كلها تحدث في ليلة واحدة وفي مكان واحد محدود، مع ذلك استطاع مطوري اللعبة صنع لعبة ممتعة ومشوقة وجعلتني أعيد تجربة اللعبة مرة أخرى، في نهاية اللعبة هناك مقياس يخبرك عن أداءك وهناك مفكرة تحملها لورا تسجل فيها الملاحظات والمفكرة تخبرك بأن هناك أشياء لم ترها أو تفعلها وبالتالي للحصول على تقييم أعلى عليك إعادة تجربة اللعبة ومحاولة الحصول على كل شيء.

من خلال إعدادات اللعبة يمكنك زيادة سرعة الحركة وهذا أراه ضروري لأن لورا تمشي ببطء، ويمكنك كذلك حفظ اللعبة وهذا أمر مهم، احفظ اللعبة كلما أردت فعل شيء لأنك قد تصل لنقطة لا تراجع عنها أو يحدث شيء يقتل لورا وتفقد كل شيء فعلته من آخر حفظ.

مع ذلك لدي مقترح للاستمتاع باللعبة بعد أن تلعبها لأول مرة:

  • جرب اللعبة مرة ثانية دون حفظ.
  • اكتشف كل الطرق التي يمكن أن تموت فيها شخصية اللعبة! هناك العديد منها وفي أول غرفة هناك طريقة واحدة عليك اكتشافها.
  • جرب الحصول على أقل أو أعلى تقييم، هذ ليس سهل.

اللعبة على قدمها ما زالت ممتعة ويمكن ملاحظة تميزها عن باقي الألعاب في ذلك الوقت، مطوري اللعبة نجحوا في صنع لعبة بقيت في ذاكرة من جربوها لأول مرة عند طرحها وهؤلاء كتبوا عنها بعد عقود وصنعوا مقاطع فيديو لها لاكتشاف كل أسرارها، من ناحية أخرى القصة تقليدية وبسيطة والشخصيات مستوحاة من الروايات، من الواضح أن تركيز مصممي اللعبة كان عل صنع اللعبة أكثر من القصة وشخصياتها.

لعبة: معجزة سودوكو

قبل عامين كتبت عن لعبة كلاسيك سودوكو واليوم أكتب عن لعبة أخرى في السلسلة وهي معجزة سودوكو، اللعبة متوفرة في ستيم، آيفون وآندرويد، تحوي 100 أحجية لكنها ليست مثل سودوكو التي تعرفها، هناك قوانين إضافية تجعل الأحجيات أصعب وأسهل، الأحجية تبدأ صعبة ومع إضافة الأرقام تصبح أسهل حتى تصل إلى نقطة يمكنك فيها وضع كل الأرقام دون تفكير، لكن عليك أن تتجاوز الصعوبة.

أحجيات سدوكو تحتاج 17 رقماً على الأقل لكي يستطيع الشخص حلها، أحجيات معجزة سودوكو تأتي أحياناً برقمين أو حتى بدون أرقام، هناك عدة قوانين لهذه الأحجيات ولا تستخدم كل أحجية كل هذه القوانين:

  • قوانين سودوكو العادية تطبق هنا ما لم تخبرك الأحجية بغير ذلك.
  • غير متتابع (Non-consecutive): إذا وضعت الرقم 3 مثلاً في مربع فلا يمكنك وضع الرقمي 1 و2 في أي من المربعات على الجهات الأربع (فوق، تحت، يمين، يسار).
  • حراري (Thermo): سترى في الأحجية دائرة يخرج منها خط، الأرقام تبدأ في الدائرة بالأصغر ثم تزداد في الخط.
  • الملك (كما في الشطرنج): إذا وضعت رقم في أي مربع، لا يمكنك وضع نفس الرقم في مربعات مجاورة على الجهات الثمانية.
  • الفارس (كما في الشطرنج): إذا وضعت رقم في أي مربع، لا يمكنك وضع نفس الرقم في المربعات التي يمكن للفارس أن يتحرك لها.
  • ساندويتش (اسم غريب!): مجموع الأعداد بين 1 و9 يجب أن يساوي العدد الذي تراه خارج السطر أو العمود، إن لم يكن هناك رقم فلست بحاجة لاتباع هذه القاعدة.
  • القفص: سترى خطوط تحدد مجموعة من المربعات وعليها رقم، الأرقام داخل القفص يجب أن يصل مجموعها للرقم المحدد في القفص.
  • السهم: خط يبدأ بدائرة وينتهي بسهم، الدائرة يجب أن تحوي مجموع الأرقام في الخط.

إن قرأت كل هذه القوانين فقد تظن أن الأحجيات صعبة ولن تستطيع حلها، لكن أنصح بأن تجربها على أي حال وتتحدى نفسك في فعل شيء صعب ويحتاج للمنطق، لاحظ أن كل أحجية تستخدم اثنين أو ثلاثة من هذه القوانين وليس كلها.

توضيح بعضها بالصور سيساعدك واللعبة تبدأ بالتدريج وتشرح كل قاعدة:

في الصورة ترى أحجية سودوكو ويحيط بها أرقام، مثلاً الرقم 31 على العمود 3 وكذلك العمود 7 (عدها من اليسار إلى اليمين)، كل من العمودين سيحوي 1 و9 والمجموع بينهما يجب أن يساوي 31، إذا ضغطت على الرقم 31 ستظهر لك الاحتمالات لحلها في المستطيل الجانبي على اليمين، اللعبة تساعدك هنا لأن عد الاحتمالات قد يكون متعباً للبعض (مثلي!)، بالمنطق عليك جمع الأرقام ما بين 2 إلى 8 وهذا يعطيك فكرة واضحة عن مكان 1 و9 في العمودين.

الملك في الصورة يعني أن الرقم 2 لا يمكن وضعه في المربعات الصفراء المحيط به، والفارس تضيف كذلك مربعات أخرى:

مع أن الأحجية فيها رقمين فقط فيمكن حلها بسهولة مع شيء من التفكير المنطقي، شخصياً لم أحل كل الأحجيات بعد ولست مستعجلاً، خصوصاً أن بعضها يجعلني أود نتف شعر رأسي وأنا أصلع لا يمكنني فعل ذلك!

بالطبع ألعاب سودوكو مناسبة لكل الأعمار أو معظمها، لا أدري متى يمكن للطفل فهم قوانين اللعبة العادية لكي يبدأ في حلها، لكن إن استطاع فهمها واستمتع بحل الأحجيات فربما الخطوة التالية هي معجزة سودوكو.

لعبة: Botanicula

لعبة أخرى من استوديو أمانيتا (Amanita) وقد عرضت ألعاب أخرى من نفس الشركة الصغيرة مثل Samorost التي هي سلسلة بدأت بلعبة فلاش ويمكنك تجربتها مجاناً ثم جاء الجزء الثاني بعد ذلك وبعد سنوات عديدة الجزء الثالث، كلها ألعاب رائعة بالنسبة لي، وأيضاً عرضت لعبة Machinarium وفي هذا الموضوع أتحدث باختصار عن لعبة Botanicula التي طرحت في 2012.

اللعبة من نوع التأشير والنقر وهي ألعاب أفضلها لبساطتها وألعاب أمانيتا لها حس فكاهي وإبداعي رائع لا يمكنني وصفه، عوالم هذه الألعاب غريبة ولعبة Botanicula واحدة من أغربها، اللاعب يتحكم بفريق من خمس شخصيات وهؤلاء عبارة عن فطر وبذور وغصن وأجزاء أخرى من النباتات لا أعرف أسمائها، اللعبة فكاهية وبسيطة وأراها مناسبة للأطفال، هناك أربع مراحل رئيسية وكل مرحلة لها أحجية كبيرة تحتاج لحل أحجيات فرعية.

تحريك الشخصيات يحتاج للنقر على أسهم للتنقل بين مراحل مختلفة، هناك خريطة على شكل ورقة شجرة وهي غير ضرورية معظم اللعبة، هناك بطاقات تجمعها بالتفاعل مع المخلوقات في العالم وفي نهاية اللعبة هناك “جائزة” بحسب عدد البطاقات التي جمعتها، لكن شخصياً أرى أن البطاقات نفسها تستحق أن تراها وترى إبداع الرسام وخياله العجيب الذي صنع هذه الشخصيات الغريبة.

هذه واحدة من الألعاب التي تجعلني أبتسم طوال الوقت وأنا في عالمها، اللعبة متوفرة على آيفون وآندرويد وبالطبع على الحاسوب الشخصي وهذا يشمل لينكس، علي الإشارة بأن اللعبة يمكن تشغيلها على لينكس لأن هذا أمر إيجابي للنظام ولمستخدميه.

هناك عدة ألعاب أخرى من هذه الشركة الصغيرة لم أجربها بعد وسأفعل ذلك في أقرب فرصة ممكنة، هذه اللعبة اشتريتها منذ سنوات وكانت مناسبة لهذا الوقت، لا حاجة لقضاء ساعات في اللعب بل يمكن قضاء خمس أو عشر دقائق وحفظ اللعبة ثم العودة لها لاحقاً.

المدير لا يستطيع التوقف عن الكذب

يوتيوب اقترح الفيديو أعلاه مرة بعد مرة ولأشهر وتجاهلته لأنه فيديو طويل وعن موضوع لا يهمني، ثم رأيت تغريدة للأخ محمد أبو طاهر عن الفيديو فبدأت أشاهده وعند الدقيقة الثامنة كنت على وشك إغلاق الفيديو لأرى وجهاً مألوفاً ثم رأيت أن الفيديو سيتحدث عن جهاز ألعاب فيديو اسمه Intellivision Amico وهنا قررت مشاهدة الفيديو بالكامل، لأنني كتبت عن هذه اللعبة في 2021.

ما كتبته كان سطحياً، لم أتعمق فيما فعلته الشركة أو تصرفات مديرها، زرت موقعهم ورأيت بعض المقاطع من قناتهم واكتفيت بذلك، المنتج لم يطرح في السوق بعد وما زال يطور ورأيت أن أنتظر حتى يصل للسوق، لكن الآن يبدو أنه لن يصل وإن وصل فتصرفات مدير الشركة (الآن أصبح المدير السابق) أضرت بسمعة الشركة، والفيديو أعلاه معظمه عن مدير الشركة وأكاذيبه وهجومه على الآخرين، بعد 30 دقيقة تقريباً المتحدث في الفيديو ينصح بأن تتوقف عن المشاهدة وأظن أن هذه نقطة مناسبة لفعل ذلك لأن كل شيء بعد هذه النقطة هي عن شخص واحد وهو مدير الشركة السابقة تومي تالاريكو، لكن خاتمة الفيديو كانت رائعة ومهمة وتستحق مشاهدة الفيديو بالكامل.

عندما كتبت موضوعي في 2021 كان علي الانتباه لتومي تالاريكو ولو فعلت ذلك ففي الغالب لن أكتب الموضوع، لذلك أصحح خطأي هنا وسأحاول الاختصار.

أبدأ بجهاز الألعاب Intellivision الذي طرح في 1979 واستمر صنعه إلى 1990، الجهاز من صنع شركة الألعاب متيل التي لم تستطع منافسة الشركات الأخرى في السوق مثل أتاري ونينتندو وتعرضت لخسائر واضطرت لتسريح عدد من الموظفين، أحد مدراء ميتل السابقين أسس شركة اسمها INTV اشترت حقوق الجهاز في 1984 واستمرت في صنع الجهاز وتطويره حتى العام 1990 حيث أعلنت إفلاسها وأغلقت الشركة في العام التالي.

مبرمجان سابقان في الشركة اشتروا حقوق الجهاز وألعابه في 1997 وأسسوا شركة اسمها Intellivision Productions أحدهما توفي في 2017 وهنا يأتي دور تومي الذي اشترى حقوق الشركة وأسس شركة Intellivision Entertainment أما Intellivision Productions فقد غيرت اسمها إلى Blue Sky Rangers Inc.

هنا تحتاج أن تشاهد الفيديو لتعرف من هو تومي تالاريكو، فقد كان مؤسس شركة صوتيات ساهمت في ألعاب فيديو مختلفة وكان مقدم برنامج عن ألعاب الفيديو، لكنه شخص يحب جذب انتباه الآخرين على حساب الحقيقة ويضخم ذاته وإنجازاته وينسب لنفسه ما فعله آخرون.

أخمن بأن تومي تالاريكو كان ينوي حقاً صنع جهاز ألعاب فيديو ووظف أناس لهم خبرة في مجال ألعاب الفيديو ومطورين من مشروع جهاز Intellivision لكنه ليس الشخص المناسب ليقود مشروعاً كهذا ولا أن يكون واجهة الشركة، هذا كان له أثر سلبي على الشركة وسمعتها وقد يكون السبب الأساسي لتدميرها كلياً، تأخر مشروع صعب مثل تطوير منصة ألعاب فيديو ليس مشكلة هنا المشكلة عندما يصبح مدير الشركة هو الشخص الذي يتسبب في الإضرار بها، بعض موظفي الشركة خرجوا كما شرح الفيديو ومع ذلك استخدم تومي أسمائهم لجذب استثمارات للشركة وهذا شيء غير قانوني.

وكما يوضح الفيديو الرجل لديه اهتمام وفخر بفتح مكتبين في مدينتين من أغلى المدن الأمريكية وكلاهما يأخذان مساحة كبيرة وحدث هذا أثناء جائحة كوفيد عندما كان الناس يعملون في منازلهم، عندما تعتمد شركة على تمويل من الناس فمن المفترض إنفاق معظم المبلغ على تطوير المنتج والمسارعة بصنعه وطرحه، افتتاح مكاتب بمساحات كبيرة لا يخدم هذا الهدف بل يخدم نرجسية تومي وحاجته أن ينظر له الناس نظرة إيجابية ومعجبة به.

أتسائل لم بعض الناس لديهم عطش لا يروى لانتباه الناس وقبولهم بأي طريقة؟ أفهم هذه حاجة في نفوس الجميع لكنها لدى البعض تصبح شغلهم الشاغل، لماذا؟

لا شك لدي أن هناك موظفين في شركة تومي يريدون نجاح المشروع وصنع الجهاز وطرحه لكن مديرهم (أو مديرهم السابق الآن) لم يكن يساعدهم بتصرفاته وعدوانيته تجاه أي نقد صغير أو كبير وحاجته للكذب كذلك كانت مشكلة أخرى، مثل هذا المشروع يحتاج للصراحة والتواصل مع الجمهور بدون أي مجاملات وأيضاً القدرة على تغيير أهداف المشروع عندما ينتقدها عدد كبير من الناس، هذا يحتاج للتواضع وهو شيء لا يعرفه تومي.

ما وضع الجهاز الآن؟ لم يصل للسوق بعد، والجهاز يستخدم مكونات قديمة  وضعيفة وعدم قدرة الجهاز على الاتصال بالإنترنت تعتبرها الشركة إيجابية لكن بعض الناس يرون ذلك سلبية، كذلك جذب مطوري ألعاب للمنصة قد يكون صعباً خصوصاً بعد الإضرار بسمعتها والأهم من ذلك أنها قد لا تكون مربحة لهم فالشركة مصرة على أن تكون أسعار الألعاب أقل من عشرة دولار.

شخصياً لا زلت أتمنى ظهور منصة ألعاب مختلفة عن المألوف ولا تحاول منافسة الشركات الكبيرة نينتندو ومايكروسوفت وسوني، هناك جهاز حقق ذلك ومتوفر ويمكن شراءه وصنعته شركة محبوبة ومعروفة ببرامجها لنظام ماك، الجهاز هو Playdate وهو جهاز يعجبني كثيراً لبساطته وصغر حجمه، يمكن لشركة أميكو أن تتعلم شيئاً من هذا الجهاز الناجح.

فينال فانتاسي: النهاية!

مرتين حاولت كتابة سلسلة مواضيع عن لعبة فيديو ومرتين توقفت عن فعل ذلك، الأولى كانت لعبة أوبلفيان (Oblivion) والثانية لعبة فينال فانتاسي 6، يبدو أنني غير محظوظ هنا، في المرة الأولى توقفت بسبب انشغالي وفي المرة الثانية حدث الزلزال السوري التركي ورأيت أنه من غير المناسب الاستمرار في نشر المواضيع، لكن أردت إكمال اللعبة وكتابة موضوع قصير عنها.

أولاً القصة، أرى أن هذا الفيديو يقدم مختصر جيد لها:

الكثير من عناصر القصة مألوفة لي وكذلك معظم شخصيات القصة لأنني رأيتها في لعبة فينال فانتاسي 14.

في أول موضوع من السلسلة تحدثت عن تجربتي مع أول لعبة من فينال فانتاسي وقد كانت تجربة سريعة لأنني كرهت نظام المعارك العشوائية وكذلك نظام القتال بتناوب الأدوار، وبعد تجربة لعبة فينال فانتاسي 6 يمكن أن أقول بأن نظام تناوب الأدوار لم يعد مشكلة بالنسبة لي وهذا يعني أنني أستطيع تجربة العديد من الألعاب التي تجاهلتها كلياً لأنها تعتمد على هذا النظام، من ناحية أخرى ازدادت كراهيتي لنظام المعارك العشوائية وقد كان السبب لتوقفي عن اللعب مرات عدة، في بعض المناطق لم أكن أستطيع السير سوى خطوات قليلة حتى تقاطعني معركة ويتكرر ذلك حتى يصبح مزعجاً حقاً.

عدى ذلك؛ كل شيء آخر في اللعبة أعجبني وأجد نفسي أقارنها بسلسلة ألعاب زيلدا، من ناحية القصة معظم ألعاب زيلدا تحوي قصة يمكن وصفها بالأسطورية، العالم يواجه خطراً وشراً سببه شخص واحد وأنت تلعب دور البطل الذي سينقذ العالم ويحفظه من الدمار، قصص ألعاب فينال فانتاسي تبدو لي أقرب للواقع حتى مع وجود عناصر خيالية مثل السحر ومخلوقات أسطورية، القصص في هذه الألعاب تتحدث عن الخير والشر كذلك والصراع بينهما لكنها تعطي الصراع عمقاً أكبر من ألعاب زيلدا، بعض ألعاب فينال فانتاسي تجعل اللاعب يتعاطف مع العدو الذي يجب أن يهزم لأن العدو ليس شراً في طبيعته بل ظروف الحياة غيرته وأصبح خطراً على الناس.

كذلك القصص تعرض أشخاصاً يطمعون في القوة والسلطة ويسعون لها أو يملكون القوة ويقفون على رأس أمبراطورية ترغب في السيطرة على العالم، هذا لا يختلف عما نراه في التاريخ، قصص فينال فانتاسي لا تخشى من الخوض في قضايا صعبة يواجهها الناس، مثلاً العبودية والعنصرية وفساد المجتمعات، أذكر بعض تفاصيل قصة لعبة فينال فانتاسي 14 وقد كانت سوداوية حقاً لكن واقعية.

النسخة الحديثة من فينال فانتاسي 6 تستحق الإشادة لأنها جددت لعبة قديمة دون أن تغيرها جذرياً، كل التفاصيل هنا أعجبتني وليس لدي الكثير لأقوله، هل تستحق اللعبة تجربة أخرى؟ نعم، لكن أفضل أن أجرب لعبة أخرى من السلسلة وإن فعلت ذلك لن أكتب سلسلة بل موضوع واحد.

فينال فانتاسي: في ثلاث اتجاهات

قرر الجميع التوجه لمدينة نارش في حين أن لوك اتجه إلى مدينة جنوب فيغارو، للوصول إلى مدينة نارش على الجميع السفر عبر النهر إلى الشمال فهذا أسرع طريق وبعيد عن انتباه جيش الإمبراطورية، في النهر واجه فريق المقاومة وحوشاً بأشكال عدة، وكان علي اختيار الطريق بين حين وآخر وليس لدي أدنى فكرة كيف أفعل ذلك، بعد معارك عدة جاء وحش مختلف وقوي ويتحدث كثيراً شكله مثل الإخطبوط بأسنان عديدة، بعد معركة قصيرة يتطوع سابن للقضاء عليه لكن يقع في فرع من النهر في حين أن الجميع يذهب لفرع آخر.

هنا تعرض اللعبة اختيار واحد من ثلاثة أماكن، إما سابن أو لوك أو فريق المقاومة المتجه إلى مدينة نارش، اخترت لوك الذي كان عليه الخروج من مدينة جنوب فيغارو التي احتلها جيش الإمبراطورية لكن دون التسبب في أي دمار، سكان المدينة استسلموا سريعاً للغزاة كما يبدو.

للهروب كان علي أولاً التنكر بزي تاجر ولفعل ذلك لا بد من الدخول في معركة مع تاجر، لوك لديه القدرة على سرقة الأشياء من الأعداء أثناء المعارك ويمكنه سرقة الملابس من التاجر! بعد ذلك لا بد من سرقة ثياب جندي للتنكر مرة أخرى والوصول لجزء آخر من المدينة، بعدها تمكن من الوصول لممر سري أسفل المدينة يقوده إلى قصر حاكم المدينة، هناك ممر آخر يقود لخارج المدينة فيه وجد لوك امرأة من الجيش رميت في السجن لأنها “خانت” الإمبراطورية، أخرجها لوك من السجن وسارا لخارج المدينة.

للوصول إلى مدينة نارش لا بد من دخول كهوف تحت سلسلة جبال والخروج من الطرف الآخر، بعد معارك عدة وصلت لباب الكهف الأخير وهنا ظهر عدو قوي وهو آلة تستخدم السحر، هنا واجهت مشكلة لأنني لم أعرف كيف أنتصر على هذه الآلة، دخلت في معارك عدة مرة بعد مرة بلا فائدة، تركت اللعبة لفترة وبحثت عن حل ووجدته ومع ذلك لم أستطع الانتصار على هذه الآلة إلا بعد محاولات عدة.

بعد المعركة كان علي اختيار طرف آخر من القصة وقد بقي خياران، لوك وفريق المقاومة، وهذا ما سأفعله في الموضوع التالي، سأحاول غداً قضاء وقت أطول مع اللعبة لأنني لا أود أن تمتد هذه السلسلة وتأخذ كل الشهر 🙂

فينال فانتاسي: المقاومة

قضيت وقت اللعب اليوم في معارك عشوائية لكي أجمع المال وأرفع مستوى الشخصيات، ليس هناك الكثير لأقوله هنا، للأسف وقت اللعب اليوم كان محدوداً، بعد فترة من فعل ذلك توجهت للمدينة واشتريت المزيد من الأشياء مثل زجاجات دواء (potion) وريش طائر يمكنني من إعادة أي شخصية سقطت أثناء المعركة للحياة، ما يتكرر أن الشخصية التي تعود تضرب مرة أخرى وتموت مرة أخرى وهذا كان مثيراً للسخط حقاً مع تكراره.

المهم هنا أنني استعدت للمعركة وتأكدت أن لدي ما يكفي لتجاوزها هذه المرة، اتجهت لقمة الجبل حيث مقر المقاومة وهناك التقيت بشخص اسمه فارغاس (Vargas) الذي كان عدوانياً من البداية ويبدو أنه ارتكب جريمة ما ودخلنا معه في معركة، كان معه دبان في البداية واستطعت التخلص منه ثم جاء دوره وقد احتاج للمزيد من الضربات حتى تتحرك القصة ويدخل شخص رابع اسمه سابن (Sabin)، فارغاس وسابن كانا طالبين لمعلم فنون قتال اسمه دنكان (Duncan) وهو أيضاً أبو فارغاس لكن الابن قتل أبيه لسبب سخيف، سابن دخل في معركة لوحده معه وانتصر عليه.

بعد المعركة تبين أن سابن هو الأخ التوأم للملك إيدغار، اتجه الجميع لمقر المقاومة وهناك التقوا برئيس الجماعة بانون (Banon) الذي طلب من تيرا العودة معه إلى المدينة التي بدأت اللعبة فيها واسمها مدينة نارش (Narshe)، هناك سيعودون للإسبر لأنهم موقنين أن الإمبراطورية استطاعت تطوير أسلحتها باستخدام قوى السحر ولا بد من إيجاد قوة مضادة، جاء خبر بأن مدينة جنوب فيغاروا تعرضت لهجوم، تبرع لوك للعودة إلى جنوب فيغاروا ليؤخر تقدم جيش الإمبراطورية بينما الجميع سيتجهون إلى مدينة نارش.

هذا كل شيء اليوم، لا يمكنني إلا المقارنة بين هذه اللعبة وألعاب ليجيند أوف زيلدا لأن معظم ألعاب زيلدا متمركزة حول القصة وليس هناك نظام مستويات (levels) ولا حتى أرقام أو إحصائيات لقوة اللاعب أو الدروع التي يلبسها، هكذا لا تصبح مثل هذه الأنظمة عائقاً أمام تقدم اللاعب في القصة، من ناحية أخرى هذا يجعل القصة خطية ولا يعطي اللاعب كثير من الحرية لاكتشاف العالم خصوصاً في البداية حيث العالم محدود بمنطقة صغيرة.

فينال فانتسي 6: الهروب للقلعة ومنها

بعد الخروج من المدينة علي التوجه إلى فيغارو، لا أدري هل هذا شخص أم مدينة ولا أدري أين أذهب، رأيت أن أقرب نقطة كانت إلى الجنوب الغربي وهناك صحراء، ذهبت ووجدت فيغارو! قلعة كبيرة في وسط الصحراء، كان علي لقاء الملك الذي رحب بلوك وتيرا، اسمه إيدغار ومباشرة أخذ لوك وخرج وكان علي التجول في القلعة، مرة أخرى تصميم اللعبة القديم يدفعني للاستكشاف لأنني لا أدري ما هي الخطوة التالية، وكعادة كثير من الألعاب وجدت أثناء تجولي صناديق وفتحتها لآخذ كل شيء فيها.

اللعبة تحتاج مني أن أتحدث مع شخص محدد لكي تحرك القصة للفصل التالي وهذا تصميم قديم آخر حيث الحديث مع شخصيات مختلفة قد يقودك لكنز ما، هذا يختلف عما تفعله بعض الألعاب الحديثة حيث تخبرك بكل طريقة ما هي الخطوة التالية وتصبح مزعجة، أثناء تجولي في القلعة وجدت امرأة أخبرتني أن ملك القلعة له توأم وأن التوأم خرج من القلعة ليعيش بعيداً عنها، كذلك عرفت أن القلعة عبارة عن مركبة وتعمل بمحركات وقادرة على التحرك!

عدت لقاعة العرش وتحركت القصة للفصل التالي، كيفكا الذي لم نراه إلا في ذاكرة تيرا زار القلعة ليبحث عنها، كيفكا يعرف أن تيرا موجودة في القلعة وأن إيدغار يحاول إخفائها، الملك متحالف مع الإمبراطورية لكن سراً يعمل ضدها، كيفكا بدأ يعمل على حرق القلعة وتدميرها، إيدغار قرر الهرب مع لوك وتيرا واستخدموا طيوراً سريعة تسمى تشوكوبو (Chocobo) وسيتجهون إلى مدينة جنوب فيغارو أما القلعة فقد غاصت في الرمال وتجنبت الدمار.

زيارة المدينة هدفه التوجه إلى معقل المقاومة لكن في المدينة علي استكشاف المكان، وجدت متاجر تبيع الأسلحة والدروع واشتريت منها ومن متاجر أخرى، ثم أكملت السير نحو جبل شمال المدينة لكن هنا بدأت أدخل في معارك مع أعداء أكثر قوة وخسرت معركة، علي قضاء بعض الوقت في معارك وكسب المال ورفع مستوى الشخصيات وشراء أدوات أكثر للإعداد لمعارك أقوى.

كل ما كتبته أعلاه أخذ بعض الوقت مع تكرار المعارك العشوائية وظننت أن القصة ستسير بسهولة لكن علي تذكر أن اللعبة قديمة وأن مستوى الصعوبة مرتفع قليلاً عما اعتدت عليه، علي قضاء بعض الوقت في المزيد من المعارك لكسب المال، ربما علي البحث عن محتوى جانبي في المدينة، سأرى ماذا يمكن أن أفعل.

في متجر أشتري معدات

نقطتان أود الحديث عنهما، الأول أنني معجب حقاً بجودة اللعبة، الرسومات قديمة ومن عصر ألعاب 16-بت وتحديث اللعبة لم يغير ذلك وهذا أمر رائع، كل تفاصيل اللعبة تبدو لي متقنة، النقطة الثانية أنني تذكرت أن لدي جهاز تحكم ألعاب من 8BitDo، أجريت تحديث للجهاز واستطعت إيصاله بسهولة ببرنامج ستيم، هذا جعل اللعبة ممتعة أكثر لأن لوحة المفاتيح لا تبدو لي مناسبة لهذه اللعبة، تحتاج جهاز تحكم مثل الألعاب القديمة، وهذا يعني إمكانية أن أجلس على الكرسي بأسلوب صحيح مقارنة مع استخدام لوحة المفاتيح، الآن أتمنى لو أن لدي تلفاز ويمكنني تشغيل ستيم عليه، أجلس على الأرض كما في الماضي وأقضي ساعات دون أن أشعر، هذا لن يحدث اليوم لأنني أشعر بمرور الوقت وهو يمر بسرعة حقاً.

فاينال فانتسي 6: البداية

في أواخر الثمانينات أو ربما أوائل التسعينات جلست لألعب اللعبة المشهورة فاينال فانتسي، لم نكن نملك جهاز نينتندو في المنزل ولا أذكر أين جربتها لكن بلا شك في بيت أحد الجيران، بيتنا كان يحوي أجهزة مختلفة مثل الأميغا 500 وإخواني كانوا يفضلوت أجهزة سيغا على نينتندو، على أي حال، لم أكمل عشر دقائق في اللعبة ثم توقفت ومن ذلك اليوم لم أجرب أي لعبة فاينل فانتسي بسبب اللعبة الأولى.

أذكر كيف أنني كنت أسير في خريطة العالم وفجأة اللعبة توقفني لتعرض علي معركة عشوائية (random encounter) وأحياناً أخرج من معركة لأقع في أخرى مباشرة ويبدو أنني كنت أبغض القتال منذ ذلك الوقت وحتى اليوم، المشكلة الثانية هي نظام القتال في اللعبة فقد كان يعتمد على ما يسمى بالإنجليزية turn-based ويمكن ترجمته إلى نظام تناوب الأدوار، المهم هنا أن المعركة تدور بين شخصيات اللاعب وشخصيات العدو، يبدأ جانب القتال ثم ينتقل الدور للجانب الآخر وتستمر المعركة بتغير الأدوار حتى يسقط أحد الفريقين أو يهرب.

إلى اليوم لا أدري لماذا لا أحب هذا النظام، واليوم أجرب لعبة تستخدمه وعلي تجاوز مشاعري تجاه النظام، لأنني أدرك أنه نظام قتال يحبه كثيرون وهو كذلك نظام قتال يعطي المطورين فرصة لتصميم معارك تعتمد على الذكاء وصنع خطة بدلاً من الاعتماد على سرعة ردة الفعل، وأيضاً أدرك أنه نظام مثالي للألعاب النصية حيث يحتاج الفرد لقراءة ما يحدث قبل أن يفعل أي شيء.

أكتب هذه المقدمة وأنا لم أجرب اللعبة بعد، ملاحظتان قبل أن أبدأ: الأولى أنني جربت لعبة فانيال فانتاسي 14 وهي لعبة شبكية من نوع MMORPG وهذا يجعلها مختلفة عن الألعاب الفردية، الثانية أنني سألت في ماستودن الأخ محمد الطاهر أن يقترح علي عنوان من سلسلة ألعاب فاينل فانتسي (هناك الكثير منها) واختار فاينال فانتاسي 6 وهذا اختيار حسن لأنني لا أود تجربة أول لعبة مرة أخرى لكن لا أعرف من أي نقطة أبدأ.

كل ما قلته أعلاه تمهيد لما بعده … دعني أشغل اللعبة أولاً، وتحذير: سأتحدث عن القصة بتفاصيلها.


اللعبة تبدأ بتمهيد للقصة، العالم شهد حرباً قبل ألف عام استخدمت فيها قوى سحرية أدت لدمار العالم، خلال ألف عام استخدم الناس الحديد والبارود ومحركات البخار بدلاً من السحر وعادت الحياة ببطء للعالم، مع ذلك هناك شخص يريد إيقاظ قوى السحر واستخدامها كوسيلة للهيمنة على العالم، ثم تختم المقدمة بسؤال: هل هناك أحمق يريد تكرار الخطأ؟

هذا يذكرني بروايتي الهوبيت وسيد الخواتم فكلاهما ينتقدان استخدام الحديد والآلات للهيمنة على الطبيعة وعلى الناس، في اللعبة بداية القصة تصف عالماً يقف ضد السحر ويستخدم الآلات، وبعد المقدمة تعرض اللعبة ثلاث شخصيات تتنقل على آلات تشبه الروبوت، الثلاثة يطلون على مدينة من مكان مرتفع، رجلان وامرأة؛ أحد الرجلين يتحدث عن المرأة بأنها لا تملك إرادتها وأنهما يتحكمان بها بطريقة ما، وأنها ساحرة أخذوها لمهمة ما وأنهم يتحكمون بها من خلال شيء وضعوه على رأسها، الرجلان يبحثان عن مخلوق متجمد سموه إسبر (esper) وهو موجود في منجم قريب من المدينة.

ينزل الثلاثة من المرتفع ويتوجهون للمدينة، اللعبة تبدأ هنا ومباشرة أجد القصة تبدأ بمعارك سريعة، الناس في المدينة يدافعون عنها لكنهم غير قادرين على مواجهة آلات ماجيتيك (Magitek)، نظام تناوب الأدوار يستخدم هنا لكن أجدني متقبلاً له وهذا يسعدني، أنا شخص مختلف عما كنت عليه قبل ثلاثين عاماً (اللعبة طرحت في 1994) وما فاجأني أكثر هو وجود المعارك العشوائية التي لم أجد مشكلة فيها الآن، يمكنني التركيز على قصة اللعبة والاستمتاع بها.

بعد مواجهات سريعة يصل الثلاثة إلى المنجم وبعد معارك قليلة هنا يصلون إلى الجزء المهم من المنجم حيث يجدون إسبر هناك، لكن قبل ذلك على الثلاثة قتال عدو شكله مثل الحلزون، اللعبة فيها خاصية القتال التلقائي حيث يمكن الضغط على زر Q ولن يحتاج اللاعب لفعل شيء سوى الانتظار وهذا ما فعلته مع المعارك السابقة لكن هذه المرة القتال التلقائي كان غير فعال وخسرت المعركة واضطررت لإعادة جزء من اللعبة، في المحاولة الثانية استطعت قتل الوحش وتطلب ذلك وقتاً طويلاً.

بعد المعركة وصل الثلاثة للإسبر الذي كان مجمداً في كريستال أم ثلج؟ لا أدري، وباقتراب الثلاثة شعر بهم الإسبر وأرسل أشعة قتلت الرجلين وحطم روبوت المرأة التي فقدت وعيها، ينتقل المشهد لبيت رجل كبير في السن والمرأة نائمة هناك، استيقظت ليخبرها الرجل بأنها كانت تحت سيطرة إمبراطورية غيشتال (Gestahlian Empire) وأنها كانت لا تملك إرادتها لأن الإمبراطورية استخدم تاج العبودية للسيطرة عليها.

التاج أثر على ذاكرتها والفتاة تعاني من صداع الرأس وفقدان الذاكرة، لكنها تتذكر اسمها وهنا اللعبة تعطي اللاعب فرصة لتسمية المرأة وتضع اسم تلقائي للشخصية وهو تيرا (Terra)، أبقيت الاسم التلقائي، وهنا يأتي حراس المدينة ليطرقوا باب بيت الرجل بعنف ويطالبونه بتسليم الفتاة لهم، الرجل يخبر تيرا بأن عليها الهروب من الباب الخلفي فالحراس لن يتفهموا حقيقة أنها لم تملك إرادتها عندما هاجمت المدينة وسكانها.

هربت تيرا إلى كهف خلف المدينة وهناك لاحقها الجنود وأحاطوا بها، انهارت الأرض تحت تيرا وسقطت وفقدت وعيها، من العبودية إلى صداع الرأس وفقدان الذاكرة والآن سقوط من مرتفع، الحياة سلسلة مصائب بالنسبة لتيرا، بعد سقوطها عادت ذكرى لتيرا ورأت فيها من وضع تاج العبودية على رأسها وهو شخص اسم كيفكا (Kefka) عرف أنها تستطيع استخدام السحر ويمكن استغلالها لخدمة الإمبراطورية، ينتقل المشهد إلى ساحة حيث الإمبراطور يلقي خطبة يعلن فيها عودة السحر وأنهم سيستخدمونه للهيمنة على العالم.

المشهد ينتقل إلى بيت الرجل حيث يدخل البيت شاب اسمه لوك، الرجل يطلب من لوك إنقاذ تيرا وإخراجها من المدينة والذهاب إلى شخص اسمه فيغارو، لوك أحد أعضاء جماعة تسمى العائدون (Returners) وهم جماعة متمردة ومقاومة للإمبراطورية، بسرعة البرق لوك يصل لتيرا قبل حراس المدينة الذين وصلوا بعده وعليه مواجهتهم، هنا جاء عدد من مخلوقات غريبة تبدو كالقطط ولها كرة حمراء فوق رأسها تسمى Moogle (موغل أو موقل؟) وعرضت الهجوم على حراس المدينة، هناك تبدأ سلسلة معارك تنتهي بمعركة أصعب قليلاً مع أحد حراس المدينة.

بعد المعركة يخرج لوك مع تيرا من الكهف ويتجهان إلى خارج المدينة، وهنا علي التوجه إلى هذا الشخص الذي يسمى فيغارو، المشكلة أنني لا أعرف أين أذهب، لا شيء في الخريطة يخبرني عن ذلك أو لعلي لم أنتبه له، ولا بأس بذلك، هذا يذكرني بطريقة تصميم الألعاب القديمة.

أكتفي بهذا الآن، أعلم أنني لم ألعب سوى مقدمة اللعبة لكن عدد كلمات هذا الموضوع ستصل إلى الألف، مواضيع هذه اللعبة ستطرح يومياً حتى أنجز اللعبة.

رسومات ألعاب الفيديو تتجه للواقعية وأنا أتجه للنص

لدينا في المنزل غرفة نسميها غرفة القهوة لأن هناك آلة قهوة وأخي يستخدمها كذلك لألعاب الفيديو، أذكر أنني دخلت يوماً لأجده يلعب بلعبة جديدة رأيت صورها حول الشبكة لكن لم أقرأ شيئاً عنها ولا أعرف عنها شيئاً، أذكر رؤيتي لشخصيات اللعبة وكيف أن التفاصيل الصغير عالية الدقة، يمكنك أن ترى تفاصيل البشرة على وجوه الشخصيات والرسومات هنا تقترب كثيراً من تصوير الحقيقية كما هي لدرجة أذهلتني وهذا لا يحدث كثيراً، لا أحتاج لرسومات عالية الدقة لكي أستمتع بأي لعبة لكن لا يمكن إنكار أن رسومات ألعاب الفيديو وصلت لمستوى عالي ومثير لإعجاب.

في نفس الوقت أجدني أهتم أكثر بالسير في الاتجاه الآخر نحو رسومات أبسط أو حتى نحو عدم وجود أي رسومات، نحو الألعاب النصية وألعاب الورق والقلم كذلك، سبق أن كتبت عن لعبة الكتابة الإبداعية التي فاجأتني حقاً بكم المتعة التي شعرت بها أثناء تجربتها وهذا شعور لم أجده منذ عرفت ألعاب الفيديو، هذا جعلني أهتم أكثر بألعاب الورق والقلم مثل Dungeons & Dragons التي تعتمد كلياً على خيال اللاعبين وجعلني كذلك أدرك أن اللعب لا يحتاج أن يكون بألعاب الفيديو.

قد تتساءل لماذا سيتجه أي شخص إلى لعبة نصية بلا رسومات بعدما وصلت الرسومات لهذا المستوى من الإتقان والدقة؟ دعني أسأل: لماذا يقرأ الناس الروايات وهناك أفلام يمكنهم مشاهدتها؟ الرواية قد يقرأها مليون شخص وكل واحد منهم سيرسم عالماً مختلفاً للقصة وهذا يعني مليون عالم مختلف، عندما ترى فيلماً أو تلعب لعبة رسومية فالعالم مرسوم لك بكل تفاصيله ويمكنك أن تعيش في هذا العالم لفترة، لكن الروايات ستبقى دائماً هناك تعطيك فرصة لأن ترسم عالماً في مخيلتك وفي هذا متعة لا أظن أننا نريد أن نتخلص منها.

النص لن يذهب فقد بدأ الناس بالكتابة قبل آلاف السنين وسيبقون وسيبقى للنص قوته وأثره على الناس، الناس يحبون تذوق الشعر والعيش في عوالم الروايات وتحدي أنفسهم بقراءة الكتب التي توسع أفق معرفتهم وأفكارهم.

كتب اختر مغامرتك

في الفترة التي ظهرت فيها ألعاب الحاسوب النصية ظهرت كذلك كتب مغامرات أو كتب ألعاب كما تسمى (Gamebook) وكانت هناك كتب تسمى اختر مغامرتك حيث القارئ هو بطل القصة واختياراته تقوده لمسارات مختلفة من القصة ولنهايات مختلفة وهكذا يمكن للكتاب تقديم تجربة جديدة عند كل قراءة، هذه الكتب كانت موجهة للأطفال والمراهقين لكن لاحقاً ظهرت قصص موجهة للكبار كذلك.

وظهرت كتب أخرى كذلك تقدم تجربة أكثر عمقاً من مجرد اختيار مسارات مختلفة للقصة، كتب تبدو كلعبة فيديو لكنها مكتوبة ويخوض القارئ فيها مغامرة لا تختلف كثيراً عما يجربه البعض مع ألعاب الفيديو، هذا فيديو يتحدث عن سلسلة فعلت ذلك:

أذكر أنني رأيت هذه الكتب في المكتبات عندما كنت صغيراً ولم أكن أتقن الإنجليزية بعد، أذكر أنني فهمت فكرة الكتاب لكن حاجز اللغة يمنعني من تجربته، هل كانت هناك كتب عربية مماثلة في ذلك الوقت؟ هل هناك كتب عربية مماثلة الآن؟ أتخيل أنني سأستمتع كثيراً بكتاب مماثل في ذلك الوقت والآن مع توجهي للنص أكثر أود تجربة كتب عربية مماثلة.

هذه الكتب ما زالت تصدر وقد انخفضت مبيعاتها في التسعينات وظن كثيرون أنها ستنتهي لتعود مرة أخرى وتجد شهرة جديدة وتجد كتباً بأنظمة جديدة، كتاب مصاص دماء بعمر ألف عام واحد من هذه الكتب الجديدة لكنه مختلف في كونه يعتمد عليك لكتابة القصة.

الألعاب النصية

ألعاب الحاسوب النصية بدأت في 1975 مع لعبة مغامرة (Adventure)، الحاسوب يخبرك بما يحدث وأنت تخبره بما ستفعل وقد وجدت اللعبة شهرة بين طلاب وأساتذة الجامعات الأمريكية المتصلة بشبكة أربانيت ومن هذه البداية ظهرت ألعاب أخرى كثيرة منها اللعبة الشهيرة Zork التي ما زالت موجودة ويمكن شرائها وتجربتها، اللعبة من صنع شركة أنفوكوم التي اشتهرت بصنع ألعاب نصية عديدة واختيار تغليف مميز لكل لعبة، هذا وثائقي يحكي قصة الشركة:

في بدايات الثمانينات وفي جامعة بريطانية تعاون طالبان (ليس جماعة طالبان بل طالب × 2!) لصنع لعبة نصية شبكية سموها MUD وهي لعبة في مزود يمكن لأكثر من شخص الاتصال به واللعب مع الآخرين وهذه اللعبة هي أساس ألعاب الشبكة اليوم، ألعاب شهيرة مثل World of Warcraft وUltima Online جاءت بعد تطور الألعاب الشبكية وانتقالها من النص إلى الرسومات، لكن ألعاب MUD ما زالت موجودة إلى اليوم.

جربت مؤخراً لعبة اسمها Alter Aeon وهي لعبة من نوع MUD وهذا يعني إمكانية أن يتفاعل اللاعب مع آخرين من حول العالم، اللعبة نصية وقد أعطتني ذلك الشعور بالمتعة والحماس لم أجده منذ وقت طويل حقاً، لا أذكر أنني شعرت بذلك منذ منتصف التسعينات أو قبل ذلك، اللعبة تقليدية من ناحية قصتها وأنظمتها ولأنها نصية فهي تترك للخيال كل التفاصيل وهذا تجربة مختلفة عن الألعاب الرسومية وشيء لم أجربه منذ وقت طويل.

ما فاجأني في اللعبة أنها تحوي مؤثرات صوتية جعلتني سعيد حقاً بوجودها لأنني كتبت مرة فكرة لعبة نصية تحوي مؤثرات سمعية وبصرية تغني تجربة اللعب.

الآن هناك من يجرب محرك الذكاء الاصطناعي GPT-3 لكي يصنع لعبة نصية لا نهاية لها، التجارب غير ناجحة لكن مبشرة وقد تصل في يوم ما إلى إنشاء محرك لعبة يمكن استخدامه لصنع ألعاب نصية مختلفة.

لكن مهما تقدمت تقنيات الحاسوب تبقى ألعاب الورق والقلم الأفضل في رأيي مع أنني لم أجرب إلا واحدة، لأن هذه الألعاب تعتمد كلياً على خيال اللاعبين وتعاونهم أو تنافسهم وهذه تجربة إبداعية اجتماعية لا يمكن لألعاب الفيديو تقديمها، وأرى أن هناك حاجة لأن يجربها الناس بعد عقود من هيمنة ألعاب الفيديو، أقول هذا وأنا أحب ألعاب الفيديو وقد كان لها تأثر كبير على حياتي ولن أتوقف عن اللعب بها.

منوعات السبت: حياة غير ممكنة في أماكن مستحيلة

الرسام: جوليو روزاتي

(1)
العنوان عبارة قرأتها في كتاب وجعلتني أتوقف لأفكر قليلاً، الألعاب سواء ألعاب الفيديو أو غيرها تجعلنا نعيش حياة غير ممكنة في أماكن مستحيلة، يمكن للعبة أن تجعلك مالك عقارات يحاول احتكار كل العقارات على اللوحة والانتصار على الآخرين بتحقيق الاحتكار الدائم حيث يتنازل الآخرون عن عقاراتهم لتسديد ما عليهم من التزامات تجاهك، اللعبة اسمها مونوبولي وقد صممت كوسيلة تعليمية لتوضيح مخاطر الاحتكار.

يمكن للعبة أن تجعلك فارساً تلبس الأخضر وتنقذ المملكة والعالم من خطر شرير يريد دمار العالم، يمكن أن تجعلك اللعبة مالك فريق كرة قدم أو مدرباً وتشارك في دوري لتصل إلى القمة، يمكن أن تكون مزارعاً أو رائد فضاء يمتلك سفينة تنظيف مخلفات الفضاء أو سفينة تذهب بها إلى كواكب ونجوم وتكون مستكشفاً لعوالم لم يرها أحد من قبل، الألعاب يمكنها أن تعيدك إلى ماض لم تعشه فتكون فرداً في قرون مضت وقد تكون تاجراً أو لصاً أو ملكاً، كثير من الألعاب يذهب لعوالم خيالية مستحيلة لا يمكن لأحد أن يعيش فيها لكنها تجعلك تعيش فيها ولو مؤقتاً.

صنع الألعاب ليس سهلاً ويحتاج الفرد ليتعلم الكثير لكي يصنع لعبة جيدة، ولا أعني تعلم البرمجة هنا فهذا جزء واحد من عملية صنع الألعاب والبرمجة ضرورية لألعاب الفيديو فقط، تصميم اللعبة وقوانينها مهارة مختلفة، صنع عالم وقصة مهارة أخرى، فهم نفسيات الناس وكيف يتفاعلون مع الألعاب وقوانينها مهارة أخرى، صنع لعبة ممتعة مهارة أخرى.

هناك عالم من الألعاب اللوحية (Board game) التي ظننت أنها ستختفي بسبب التقنيات الرقمية لتثبت أنني وغيري على خطأ وترى مبيعاتها في ارتفاع وترى كذلك ألعاباً جديدة تظهر كل عام ومعارض تنظم لهذه الألعاب، هناك ألعاب الورق والقلم التي سبق أن تحدثت عنها عندما كتبت عن لعبة الكتابة الإبداعية وهي في الغالب جماعية وتتطلب من فرد أن يصنع عالم اللعبة وتتطلب من اللاعبين صنع شخصياتهم وخوض مغامرة خيالية مشتركة بينهم.

كان بعض الناس ولا زال البعض ينظر بدونية للألعاب على أنها شيء تافه لكن الألعاب تثبت أنها مهمة وأنها تقدم أكثر من مجرد الترفيه، صنع الألعاب يتطلب مهارات مختلفة ويحتاج الفرد ليتعلم الكثير ليصنع لعبة جيدة، واللعب نفسه يعلم الناس أفكار ومهارات مختلفة دون أن يدرك الفرد أنه يتعلم.

(2)
هناك جانب اجتماعي مهم للألعاب وهي أنها تجمع الناس على أمر واحد، إن كنت تشتكي من رؤية أفراد العائلة يحدقون في شاشات الهواتف والتلفاز لوقت طويل فإليك مقترح: ابحث عن لعبة لوحية ممتعة وادعهم لتجربتها مرة، لا أضمن لك أنهم سيستمتعون بذلك فالناس تختلف طبائعهم لكن عليك أن تجرب لتعرف ذلك، هذه وسيلة لجمع أفراد العائلة حول شيء ما وقضاء وقت معهم وهذا ما يفقده كثيرون، وإن كان الأمر ممتعاً ويريد الكل تجربته مرة أخرى فاجعلها جلسة أسبوعية أو حتى شهرية وجرب بين حين وآخر لعبة مختلفة.

(3)
أرى أن هناك حاجة لصنع مدونة أو موقع عربي متخصص في الألعاب (ليس ألعاب الفيديو) وإن كان هناك واحد فأنا لا أعرفه، موقع يتحدث عن تصميم الألعاب اللوحية وصنعها وعن الألعاب التي يصنعها أفراد ويبيعونها في موقع مثل itch.io، الموقع يحوي الكثير من الألعاب التي تأتي على شكل ملف PDF يمكن طباعته، موقع يكتب مراجعات للألعاب اللوحية وغيرها ويتابع جديدها ويعرض كتباً عنها، إن لم يكن هناك موقع عربي مثل هذا فهناك فرصة لم يستغلها أحد.

لعبة: Slice of Sea

هذه اللعبة طرحت قبل أشهر وأردت تجربتها في ذلك الوقت لكن لم أستطع، لعبة Slice of Sea طورها الرسام ومطور الألعاب البولندي ماتيوسا سكاتنك، شخص أتابع أعماله منذ 2005 عندما طرح أول لعبة له باستخدام تقنية فلاش، له ذوق مميز وإن كنت تعرفه وتعرف ألعابه فغالباً هذه اللعبة ستعجبك.

لعبة مغامرات وأحجيات وقد رسمت بأسلوب خاص معروف للمطور، كل نقطة وكل خط في هذه اللعبة رسم باليد على الورق أولاً وهذا مثير للإعجاب لأن كثير من المناظر فيها الكثير من التفاصيل ولا شك أنها تطلبت الكثير من العمل والوقت.

أنت تلعب شخصي عشب البحر! أو بالأحرى تلعب دورين الأول هو تحريك عشب البحر من مكان لآخر والثاني مساعدته على حل الأحجيات، القصة بسيطة وهي أن عشب البحر يبدأ مغامرته في مكان قاحل وبعيد عن البحر وعليك أن تساعده للوصول للبحر، هذه هي القصة ببساطة.

كل شاشة من اللعبة فيها الكثير من التفاصيل وعليك أن تنتبه لها لأن اللعبة تخبرك بحلول بعض الأحجيات من خلال العالم نفسه، إن كنت تعرف ألعاب المطور الأخرى مثل سلسلة Submachine ستجد في هذه اللعبة تفاصيل مألوفة أخذت من السلسلة.

إن كان لدي نقد فهو أن اللعبة تحتاج للكثير من الذهاب والعودة لنفس الأماكن مرات عدة، كذلك وجدت صعوبة في ربط حلول الأحجيات بما تفعله في النهاية لأن بعض الأحجيات تتطلب فعل أشياء عدة في أماكن بعيدة ثم يحدث شيء في مكان ما ولا أدري ما هو، هذه ربما مشكلتي!

المهم هنا هل استمتعت باللعبة؟ نعم وهذا هو المهم، لكن عليك أن تتذكر أنني أتابع هذا المطور وسأجرب أي لعبة يصنعها وستعجبني قبل حتى أن أنهيها، أنت شخص مختلف وقد لا تعجبك اللعبة، لذلك شاهد مقاطع فيديو عنها قبل شرائها.

لعبة: A Case of Distrust

 

إن أردت لعب دور محقق في لعبة تعتمد على قوة الملاحظة فهذه لعبة لك، اللعبة متوفرة في نظام iOS وجهاز نينتندو سويتش ومنصة ستيم وتعمل على ماك كذلك، اللعبة نصية في الأساس والرسومات والحركة قليلة لكن مميزة ومختلفة عن أي لعبة أخرى.

أنت تلعب دور شرطية سابقة وتعمل محققة خاصة والقضية التي تدور حولها القصة تأتي إلى باب شقتها، رجل معروف بعلاقته بالعصابات والجريمة تلقى تهديداً من مجهول ويريد من المحققة أن تعرف مصدر التهديد، أي تفاصيل بعد ذلك ستحرق اللعبة والقصة لذلك أكتفي بذلك.

اللعبة هادئة وجميلة وتدور أحداثها في فترة حظر الكحول في أمريكا، الحكومة الأمريكية منعت الخمور من 1920 وحتى 1933 وفي هذه الفترة نشطت عصابات عديدة وتنافست فيما بينها لصنع الخمور وتهريبها، هذه فترة كتب عنها الكثير من الكتب وصنعت أفلام عديدة عنها، بعض رؤساء العصابات كانوا مشهورين وإلى اليوم بقيت آثار هذه الفترة في أمريكا فقد كان لها أثر على الثقافة وحتى على العمارة.

اللعبة بسيطة من ناحية طريقة عملها، أنت تسأل الناس وتسجل الملاحظات وكل شخص يقودك لمزيد من المعلومات وتحتاج أن تستخدم هذه المعلومات لسؤال أشخاص آخرين، في آخر اللعبة تبدأ الكشف عن الحقائق والأكاذيب والتضارب في المعلومات وبالتدريج تصل للنهاية التي تريد، لا أود الحديث عن التفاصيل هنا لأنها ستحرق اللعبة لك.

إن كنت تنوي تجربة اللعبة فأنصحك بأن تنتبه للتفاصيل ولما يقوله الناس، ربما عليك كتابة بعض الملاحظات بنفسك على الورق مع أن اللعبة تكتب لك الملاحظات.

لعبة: The Beginner’s Guide

هذه ليست لعبة بل عمل فني، قبل أن تقرأ المزيد أنصح بأن تشتري اللعبة وتجربها بنفسك، أرى أنها من النوع الذي لا يمكن الحديث عنه بسهولة وحتى لو كتبت الكثير ففي النهاية تجربتك الشخصية ستكون مختلفة، ردة فعلك ستكون مختلفة، كاللوحات الفنية التي يقف أمامها ألف شخص وكل شخص له ردة فعل خاصة به، مشاعر لا يمكن أن ينقلها للآخرين، ما بعد هذا السطر سأكتب عن اللعبة مع بعض التفاصيل التي ستحرق اللعبة لك.

مطور اللعبة يتحدث لك مباشرة وأنت في اللعبة ويعرض عليك أماكن ثلاثية الأبعاد طورها شخص اسمه كودا، المطور يشرح أنه يريد عرض أعمال كودا ويحاول أن يفهمها ويفهم كودا، تصور أن تجد حاسوباً في مكان ما ولا تعرف كيف تعيده لصاحبه لكنك تستطيع تشغيل الحاسوب وترى الملفات التي تركها مالكه، هل يمكنك فهم صاحب الحاسوب من الملفات التي تركها؟ يمكن أن تقول بأنك تستطيع أن تشكل بعض التصورات لكن الفهم؟ لا أحد يستطيع حقاً أن يفهم الآخرين تماماً.

اللعبة تغطي مواضيع مثل الوحدة والاكتئاب ومحاولة فهم شخص يعاني من الوحدة، المطور يعرض أعمال كودا المتمثلة في بيئات ثلاثية الأبعاد وكل ما عليك فعله هو السير في هذه الأماكن الافتراضية، ليس هناك عدو تحاربه ولا هدف من اللعبة وليس هناك ربح أو خسارة، امشي فقط واستمع لحوار المطور الذي يبدأ أولاً بعرض الأعمال بنبرة محايدة ثم يبدأ بالتعليق عليها ويراها تشكل تصوراً للعالم الداخلي لكودا الذي يصنع بيئات فيها متاهات وسجون وحوارات مع شخصيات لا وجوه لها، المطور يرى أن هذه البيئات تشكل صورة واضحة لكودا الذي يعاني الوحدة والاحتراق الإبداعي الذي يجعله لا يستطيع صنع ألعاب فيديو.

هذه الأفكار تزداد رسوخاً كلما عرض المطور مرحلة جديدة صنعها كودا لكن في نهاية اللعبة التي تمتد لساعة ونصف ستجد أن الحقيقة مختلفة، المطور يجد نفسه في عرض أعمال كودا، المطور يعيش من أجل عرض أعمال كودا ويغيرها ولا يعرضها كما هي لأنه يظن أنه يفهم كودا جيداً ويظن أن الألعاب كئيبة ما لم يضف ذلك المصباح في النهاية، كودا يطور مرحلة أخيرة قبل أن يتوقف عن تطوير المراحل وفيها يطلب مباشرة من المطور أن يتوقف عن التواصل معه وعن تعديل ألعابه.

مطور اللعبة صنع قبل ذلك لعبة ستانلي بارابل وهي لعبة تكسر الجدار الرابع في عدة مواضع، أم هذه اللعبة فهي تكسر الجدار الرابع منذ البداية، ما الذي يريد المطور أن يقوله من خلال هذه اللعبة؟ هذا ما عليك أن تكتشفه بنفسك.