منوعات السبت: ألوان السلام

الرسام: كارل وتكاي

(1)
منذ 1999 تعلن شركة بانتون عن لون العام المقبل، بانتون شركة ألوان لكنها لا تبيع ألوان أو معدات لخلط الألوان، ما تبيعه هو نظام يضمن تطابق الألوان أياً كان السطح الذي تطبع عليه الألوان، كتاب أو مجلة أو لوحة إعلانات أو حتى كوب، الشركة تعطي للألوان أرقاماً وهذا يبسط عملية التصميم فبدلاً من الحديث المبهم عن درجة معينة من لون يمكن للمصمم أن يقول بأنه اللون رقم كذا.

هذا مختصر لما تفعله الشركة، أعود لإعلانهم عن لون العام فقد أعلنوا أن لون العام الجديد سيكون البني، وفي كل عام يجد اختيارهم نقاشاً وانتقاداً وفي البداية كنت سأنتقد اللون ثم جربته في صفحة ووجدته لوناً لطيفاً، اللون في CSS سيكون تقريباً a57865، وبانتون شرحت لماذا اختاروا هذا اللون وهذا كلام تسويقي بالطبع؛ يقولون بأنهم أرادوا لوناً محايداً لكن غير مألوف مثل الرمادي أو البيج، باختصار أرادوا لوناً يعطي انطباعاً هادئاً في عالم مضطرب.

هل اختيارهم للون العام له أي تأثير؟ لا أدري، أنا لست مصمماً.

(2)
في فليكر كتبت تعليق على صورة لمذياع بلون مميز بأن هذا اللون (تركوازي) لم يعد يستخدم كثيراً وقد كان يستخدم لمنتجات عديدة في الماضي وأذكر بعض السيارات في التسعينات تستخدمه، ذكرت حقيقة أن فورد بنتو كانت تباع بست وثلاثين خياراً للألوان في حين أن السيارات الحديثة قد تقدم خمس أو سبع خيارات على الأكثر وهذا يشمل الأبيض والأسود ودراجات الرمادي، لا عجب أن يشعر الناس بأن الألوان تختفي من العالم.

صاحب الصورة علق بأسباب عدة لتناقص خيارات الألوان ومنها أسباب منطقية متعلقة بالتكلفة وتجنب المخاطرة، مثلاً شخص يشتري سيارة بلون الأبيض لأنه لون آمن سيمكنه من بيع السيارة بسعر مرتفع نسبياً بعد استخدامها لسنوات، شركات السيارات توفر التكاليف باستخدام ألوان أقل، وهناك الموضة السائدة التي تفضل التلقليلة في التصميم والألوان.

قرأت جملة في نقاش ولا أذكر أين تقول باختصار: الناس في أوقات الازدهار يفضلون الألوان المشرقة والمبهجة، وفي أوقات الأزمات يفضلون الألوان الآمنة.

في أواخر التسعينات وبدايات الألفية كانت هناك لغة تصميم منتشرة لم يكن لها اسم والآن تسمى Frutiger Aero، في عالم الحاسوب يمكن رؤية هذا التصميم في نظام ماك ونظام ويندوز أكس بي وفيستا، في المواقع كذلك عندما كانت تصمم بأشكال مختلفة مقارنة بمواقع اليوم التي تبدو متشابهة في تصاميمها وألوانها.

في الخمسينات والستينات كان هناك ازدهار اقتصادي في أمريكا وهذا انعكس على ألوان وتصاميم كل شيء وخصوصاً السيارات، في حين أن أوروبا التي عانت من ويلات الحرب لم يكن لديهم تنوع مماثل في الألوان وسياراتهم كانت عملية وصغيرة الحجم وفي هذا الوقت ظهرت سيارات ما يسمى ميكروكار (Microcar) التي صنعت لتكون صغيرة بقدر الإمكان ولا تستهلك الكثير من الوقود، بمجرد خروج أوروبا من الأزمة الاقتصادية انتهت الحاجة لهذه السيارات.

كنت أفكر بكل هذا في الأيام الماضية وأدركت أن كل هذا النقاش حول الألوان والتصاميم مرتبط بالنظام الاقتصادي والاستهلاكية عموماً، قبل ذلك كان العالم يستخدم الألوان بلا شك لكن لم تكن الألوان مرتبطة بمنتجات وعلامات تجارية، لكن الآن كل شيء مرتبط بالموضة وتغير أذواق الناس.

ليس لدي شيء أقوله هنا، ستبقى الألوان موضوع أفكر فيه دائماً فهي جزء من وعينا وثقافتنا والآن هي جزء من النظام الاقتصادي الذي يشكل وعي وثقافة الناس حول العالم.

(3)
كتبت في ماستودون:

بعد الحرب العالمية الثانية، اليابان وألمانيا منعتا من صنع أي معدات عسكرية، الموارد كانت شحيحة واليابان كانت تعاني من نقص الغذاء، المهندسون الذين قضوا سنوات في خدمة الجيش وجدوا أنفسهم بلا عمل، لذلك اتجهوا إلى صنع السيارات والأجهزة الإلكترونية وغير ذلك، البلدين أصبحا قوة اقتصادية.

لماذا لم ينظر العالم لهذا الواقع ويقرر التقليل من الإنفاق العسكري؟ أعرف الإجابة لكن لا يمكنني إلا أن أسأل.

الإنفاق العالمي على السلاح والجيوش تجاوز 2 تريليون دولار، هذه الأموال التي كان بالإمكان توظيفها لرفع مستوى معيشة الناس، لكننا لا نعيش في عالم لديه الحكمة لرؤية حماقة الإنفاق على السلاح والجيوش، بل لدينا رجال لديهم ما يكفي من الرغبة في المجد العسكري لحرق العالم، طغاة حكموا بالنار والحديد ويظنون أنهم في الجانب الصحيح من التاريخ، كان بإمكانهم توجيه طاقاتهم لرفع مستوى معيشة الناس لكنهم اختاروا الطغيان، وانظر كيف كان عاقبة بعضهم.

لكن الموت سيصل لهم في وقته المحدد لهم، والله سيعطي الناس العدل الذي نفقده في هذه الدنيا، هذا فقط ما يعطيني السلام.

7 thoughts on “منوعات السبت: ألوان السلام

  1. الألوان كنت اذهب لصديق يطبع الأفيشات و علامات المحلات كان يتألم حرفيا حين تكثر الألوان لأن الكلفة تكبر فينقص هامش الربح …

        1. لا، التبسيط لا يعني بالضرورة تقليل الألوان، لسنوات وأنا أردد بأن التبسيط ليس له تصميم محدد وأنه بالإمكان التبسيط والاستمتاع بتنوع الديكور والألوان، ليس هناك قوانين أو قواعد محددة لما يجب أن يكون عليه التبسيط، كل شخص يقرر ما يناسبه.

  2. عندنا لون السيارة اﻷبيض يزيد من قيمة السيارة وسرعة بيعها، وهو يعكس ضوء الشمس فتكون السيارة درجة حرارتها أقل بكثير من سيارة سوداء أو ذات لون غامق يجذب ضوء الشمس والحرارة. أذكر كان لدي سيارة لونها أخضر مزرق غامق كان التكييف في الصيف بالنهار لا يعمل بسبب هذا اللون، وكانت اﻷشياء تتلف فيها عندنا أنساها في السيارة خصوصاً التي تحتوي على مواد بلاستيكية. وفي المناطق الباردة نجد السيارات البيضاء قليلة، يكون لدهم خيارات أكثر في اﻷلوان.
    هناك شيء إضافي في طلاء السيارات، وهي مواد تعطيه لمعة، كأنها معادن، مثلاً السيارات الرمادية لونها ليس رمادي إنما رصاصي لديه لمعة وبريق معدني، كذلك يوجد لون أبيض لؤلئي، لكن لا أعرف هل المادة المضافة للطلاء هي مادة معدنية أم مادية لامعة أخرى

Comments are closed.