ليس لدي برنامج أو أداة أعرضها اليوم، لدي أفكار مختلفة حول التقنية.
1. في الفيديو أعلاه يتحدث إيدوارد تنر عما كنت أفكر فيه منذ وقت طويل، مشكلة الفعالية كقيمة وحيدة يهتم بها الناس والشركات والمجتمعات عموماً، هناك ثمن للفعالية وفي الفيديو ستفهم ما الثمن الذي قد يدفعه الناس مقابل الفعالية، خذ مثلاً البطاطا التي جاءت من العالم الجديد (أمريكا الجنوبية) إلى العالم القديم وأصبحت جزء من ثقافة الناس في دول عديدة، البطاطا أصبحت الغذاء الرئيسي في أيرلندا وكانت سبباً في ازدياد عدد السكان، لكن مرض أصاب البطاطا تسبب في مجاعة قضت على مليون شخص ودفعت بمليوني شخص إلى الهجرة، الثمرة التي كان الهدف منها القضاء على المجاعة تسببت في واحدة من أكبر المجاعات.
انظر إلى العالم اليوم وإلى كل ما يباع على أنه يرفع الفعالية، الشبكات الاجتماعية مثلاً نوع من الفعالية في التواصل، كثير من المنتجات التقنية تباع على أنها ترفع الفعالية، بدلاً من أن تقوم من الكرسي لتشغل الإضاءة يمكنك فعل ذلك من الهاتف ويمكن تشغيل أجهزة بأوامر صوتية وهكذا التقنية تجعلك أسير الكرسي وهذا ليس في مصلحتك، أن تقوم وتمشي خطوات نحو زر الإضاءة هو أمر إيجابي لك، جسمك وعقلك كلاهما يحتاجان للحركة.
هناك مفارقة أخرى للفعالية تسمى مفارقة جيفونز، عندما تزداد فعالية الحكومة أو المؤسسة أو التقنية في استخدام الموارد يزداد الطلب على الموارد، بمعنى ارتفاع الفعالية يلغيه ارتفاع الطلب.
دائماً اسأل ما هو ثمن الفعالية لأنك ستدفعه حتى لو لم تدرك ذلك.
2. استمع أو اقرأ هذه النشرة: Attending to the World
مشكلة الإلهاء يمكن اعتبارها مشكلة الشعور بالوحدة، في الماضي كان البعض يشغل المذياع طوال الوقت والآن هناك أناس يفعلون نفس الشيء مع التلفاز أو الحاسوب الذي يمكنه عرض بث مباشر بالفيديو أو الصوت أو يمكن للفرد التجول بلا نهاية في يوتيوب أو في تطبيقات الهاتف التي لا شك يمكنها تزويده بمحتوى لا نهائي يلهيه عن التفكير في وحدته.
الفرق بين من يسمع المذياع ومن يستخدم الهاتف أن من يسمع المذياع يمكنه أن ينشغل بأمور أخرى مثل أعمال المنزل من تنظيف أو طبخ أو صنع شيء ما أو حتى قضاء وقت مع آخرين حول المذياع، من يمسك بالهاتف ينشغل به كلياً عن محيطه وكذلك الحال مع من يشاهد التلفاز أو يوتيوب أو من يلعب بألعاب الفيديو.
لست أقول بأن استخدام كل هذه التقنيات هو أمر سلبي ويجب أن نتوقف عن فعله، بل فقط أشير إلى حقيقة أننا كأناس نريد أن نلهي أنفسنا ونجنبها الشعور أو التفكير بأمور سلبية وهذا قد يتجاوز الحد ليصبح أمراً سلبياً، لا غرابة أن تقرأ عمن يشعر بالاكتئاب بعد قضاء ساعات في مشاهدة مسلسل واحد، النفس تمل وتتعب حتى من التسلية.
3. في الماضي كنت أظن أن تغيير نموذج الأعمال للشركات سيغيرها للأفضل، مثلاً لو تخلصت فايسبوك من الإعلانات كمصدر دخل واعتمدت على شيء آخر مثل الاشتراكات (ولنفترض أنها نجحت في ذلك) فهذا لن يغير الكثير، لأن حجم فايسبوك مشكلة في حد ذاته ولا يمكن حل هذه المشكلة بمجرد تغيير نموذج الأعمال، بمعنى آخر أظن أن فايسبوك لا يمكن حل مشاكلها بالقانون أو بتغيير نموذج الأعمال، وجود فايسبوك نفسه هو المشكلة.
4. حل بعض المشاكل لا يكون برفع كفاءة سبب المشكلة بل بإزالة السبب، مثلاً السيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي تتسبب في تلوث الهواء، شركات السيارات زادت فعالية استهلاك الوقود وحرقه وهذا يؤدي إلى تلويث أقل، ثم جاءت السيارات الكهربائية لتلغي التلوث وهي بالفعل أفضل من هذه الناحية لكنها ما زالت مشكلة فالبطاريات ستتوقف عن العمل في يوم ما وتحتاج لإعادة تدوير، التنقيب عن المعادن للبطارية والإلكترونيات سبب للتلوث وإن كان الناس لا يرونه لأنه بعيد عنهم.
السيارة مشكلة وحلها ليس صنع سيارة أفضل بل التخلص من الحاجة للسيارة، عندما يعيش الفرد في مدينة تجعله لا يحتاج لسيارة فلن يشتري واحدة لأن كل ما يريده يمكن الوصول له بسهولة سواء بالمشي أو بالدراجة الهوائية أو بالمواصلات العامة، هكذا تحل مشكلة السيارات.
معلومة البطاطا هذه أعجبتني، جعلتني أقرأ عن اكتشافها في ويكيبيديا،
شيء عجيب أن تُكتشف أصناف خضروات ونباتات مع اكتشاف قارة جديدة
هناك عدة أنواع من البطاطا وما هو مألوف لنا في الغالب نوع واحد، بالفعل هو شيء عجيب أن تكتشف أنواع جديدة من الخضار والفواكه، الأفوكادو واحدة منها وكذلك الكيوي كما أذكر.
موضوع الفعالية (أو الكفاءة لأنها الترجمة الأفضل لمصطلح efficiency) يذكرني بموضوع الإنتاجية. تنتشر كثيراً نصائح زيادة الإنتاجية لكن كل هذا على حساب صحة الفرد و راحته. في كلتا الحالتين يوجد ثمن لدفعه مقابل زيادة الكفاءة أو الإنتاجية.