منوعات السبت: لماذا أنا هنا؟

الرسام: محمد بن علي الرباطي

في الأيام القليلة الماضية كنت أفكر في الشبكات الاجتماعية وأنواعها الكثيرة التي لم تصنع بعد، ولست الوحيد هنا فقد وجدت من يجمع روابط عن الشبكات الاجتماعية الصغيرة وفيها أفكار أعجبتني وأود الحديث عنها.

موقع Minus.social هو شبكة اجتماعية محدودة، الاسم يعني سالب والشبكة تعطي العضو 100 موضوع فقط، إن أرسل العضو موضوعاً فلا يمكنه حذفه، يمكن الرد على مواضيع الآخرين دون الخصم من رصيد العضو، لا يوجد متابعة أو خوارزمية ترتب المواضيع فالمواضيع ترتب زمنياً، الموقع صمم لكي يجعل الفرد لا يشارك إلا بحذر، وهذا عكس ما تفعله الشبكات الاجتماعية الأخرى التي تحاول أن تدفعك للمشاركة ولقول أي شيء وللتفاعل مع الآخرين.

هناك موقع استضافة اسمه tilde.town يستضيف المواقع مجاناً لكن لا يمكن التسجيل فيه بسهولة، يجب أن يقدم الفرد طلباً ويضع معلومات مختلفة مثل اهتماماته، هذا الموقع أدى لظهور مواقع مماثلة يمكن أن تجدها في tildeverse، أحد أعضاء tilde.town صنع مدينة افتراضية مرسومة بالنص، وفي صفحة أخرى وضح كيف تعمل، كل عضو يمكنه أن يحجز أرضاً في المدينة ويصنع أو يرسم بيتاً على مساحته ويضع فيها رابطاً لو أراد.

أدرك أن المدينة النصية ليست شبكة اجتماعية، لكنها تجعلني أفكر ماذا لو كانت الشبكة الاجتماعية مكاناً لصنع أشياء مماثلة؟ صنع مشاريع فنية بتقنيات مختلفة، يمكن للويب اليوم أن تكون منصة تطبيقات فنية ومنصة ألعاب فيديو كذلك، فما المانع من أن تكون الشبكة الاجتماعية مكاناً لصنع الفن وألعاب الفيديو؟

ماذا لو كان الموقع مقهى؟ موقع Gossip’s Cafe يحاول أن يفعل ذلك، الموقع لا يحتاج لتسجيل ويمكن لأي شخص أن يشارك فيه بأي أسم، هناك قسم يسأل ماذا تفعل اليوم وكل يوم تختلف الإجابات، الموقع يعمل من الثامنة صباحاً وحتى الحادية عشر مساء ثم يغلق أبوابه لك لكنه مفتوح لأشخاص آخرين، هذا نوع آخر من الحدود فهناك وقت محدد لعمل الموقع وهناك محتوى محدد يمكن المشاركة به، هناك موقع آخر يفعل نفس الشيء لكن أبسط فهو مفتوح طوال الوقت لكنه يحذف المحتوى كل 48 ساعة.

الموقعين يقدمان وسيلة لقضاء وقت في مكان ما، قضاء وقت لا يعني بالضرورة أن يكون الشخص هناك طوال الوقت بل يفتح الصفحة في متصفحه ويتركها ليعمل ويعود لها بين حين وآخر، هذا يذكرني بمجموعة مدونين كانوا يعملون وكل شخص يعمل في مكتبه لكنهم يتواصلون بالفيديو ولا يتحدث أحدهم مع الآخرين إلا قليلاً، كانت هذه وسيلتهم لصنع مكتب افتراضي في حين أن كل شخص منهم يعيش في مكان مختلف وبعيد عن الآخرين.

الشبكة الاجتماعية يمكن أن تكون محدودة بعدد محدد من الناس وتكون خاصة بعيدة عن أعين الناس ولا يمكن الانضمام لها.

كنت أفكر في موضوع الحضور، أتخيل أن كثير من الناس يفتحون تطبيقات الشبكات الاجتماعية أو مواقعها ويبقون هناك لوقت طويل، لذلك كتبت في ماستودون بالأمس: سؤال لماذا أنا هنا؟ يفترض أن نسأله عندما نكون في التطبيقات والشبكات الاجتماعية، بدون هدف أو غرض يصبح قضاء وقت في هذه المساحات هو الهدف وهذا يجر الفرد لدوامة لا تنتهي من الأفكار والأخبار التي تلهيه وتستهلك وقته.

وهذا ما تريده فايسبوك وتويتر وغيرهما، أن تبقى هناك وتتفاعل مع الموقع والناس فهذه فرصة لجمع مزيد من المعلومات عنك وعن الناس وفرصة لبيع الإعلانات، لذلك لا بد من أن تسأل نفسك لماذا أنا هنا؟ ولست أقصد أن استخدامك لأي تطبيق يجب أن يعود عليك بفائدة ما، كل ما أريده منك أن تكون منتبهاً لمشاعرك وأفكارك ولدوافعك لاستخدام الشبكات الاجتماعية.

الشبكات الاجتماعية تتطلب حضور دائم أو شبه دائم، ماذا لو كانت تتطلب حضور في مناسبات فقط؟ عندما تكون هناك مناسبة يجتمع الناس في ساحة عامة رقمية، كل مناسبة يمكن أن تزين بشكل مختلف، كل مناسبة يكون لها نوع مختلف من المحتويات، يمكن أن يساهم العديد من الحضور في إغناء مساحة المناسبة، بعد المناسبة تبقى الصفحة كأرشيف لا يمكن تغييره أو الإضافة له.

تصور مكاناً نجتمع فيه إلكترونياً في المناسبات فقط، وفي باقي أيام العام لا يسمح لأحد بالمشاركة بأي شيء، حقيقة أود أن أرى شيئاً مثل هذا، دعنا نجتمع يوم العيد، ولتكن هناك أدوات للرسم وللنص ولتكن هناك مساحة لكل شخص يبدع فيها ما يشاء.

كانت هذه أفكار متنوعة عن الشبكات الاجتماعية، قد تجد فيها ما يعجبك أو يدفعك لصنع شيء ما.

8 thoughts on “منوعات السبت: لماذا أنا هنا؟

  1. اعجبتني فكرة شبكة Minus كل شخص سوف يختار مساهماته بعناية كان لديك فقط 100 طلقة في بندقية صيد. ذكرني بموقع trekearth لرفع الصور وهو يسمح بصورة واحدة فقط في اليوم لذلك يختار الناس صور مميزة لعرضها. كذلك مواقع تابعة هي treklens و treknature ينتقدون اي خطأ في التصوير مثل الاضاءة وتركيز الصورة

    1. لم أكن أعرف هذه المواقع، شكراً، وضع حدود للأشياء الرقمية أراه مفيداً في كثير من الحالات، السماح بصورة واحدة رفع مستوى الصور، في حين أن تويتر مثلاً يضع حد لحجم النص 280 حرفاً لكن لا يضع حد لعدد التغريدات كل يوم، لذلك التغريد يركز على قيمة السرعة والكثرة وهذا يقلل الجودة.

  2. أظن مدونات ووردبرس هي نوع من الشبكات الإجتماعية ،صحيح هناك من يقرأ لك بدون تفاعل،لكن تشعر بأنك تكتب و تنتج من أجل مجتمع مصغر…الووردبرس يتيح إنشاء شبكات إجتماعية متكاملة

    1. المدونات (ووردبريس أو غيره) أعتبرها من الشبكات الاجتماعية قبل ظهور فايسبوك وتويتر وإن لم يستخدم أحد هذا الاسم لها، لكن لديها كل ما تحتاجه الشبكات الاجتماعية وتتميز بعدم مركزيتها.

      مع ذلك، لا أود أن تصبح المدونة أو ووردبريس هو الحل الوحيد لكل شيء، ووردبريس يمكن استخدامه لصنع موقع يحاكي فايسبوك أو تويتر أو متجر إلكتروني أو موقع محتويات ضخم، البرنامج تضخم في الخصائص وهذا يسير عكس ما أريده من برامج متخصصة وصغيرة الحجم وبسيطة.

  3. فكرة التجمعات الاجتماعية الصغيرة الهادفة أراها أفضل بكثير من فيسبوك وتويتر وأخواتهما، خصوصا حين تحصر فيها من هم بمستوى تفكيرك، وبموازاة معرفتك في استخدام التجمع للأغراض التي وجد من أجلها. الأفكار التي طرحتها جميلة جدا، وفي لحظة قد يخطر ببال المرء أن هذا “يوتوبي” وغير قابل للتحقيق، ولكن الفكرة أن أفكار كهذه لا يجب أن يكون الهدف منها ملايين المستخدمين، ولا الإعلانات، وحينها فقط تصبح واقعا جميلا.

    شخصيا أصابني الإعياء من استخدام فيسبوك وإنستجرام، وقد كتبت ذات مرة “فيسبوك هو أسوأ مكان على الأرض لكي تعبر فيه عن رأيك، أو تنشر خبرا، أو تناقش قضية، أو تطرح استفتاء، أو تسوق لشركتك! السبب في ذلك يعود لأمر واحد، وهو وجود خاصية التعليق على المنشورات.” وما قصدته بخاصية التعليق يتعلق بالهدف من وجود فيسبوك وأشباهه، والتي ذكرتها حضرتك، وهي حث الناس على التفاعل باستمرار بغض النظر عن “قيمة” التفاعل، لأن ما يهم هذه الشبكات هو “الثمن” الذي يدفع، وليس “القيمة”، وكما يقول أوسكار وايلد: “هم يعرفون ثمن كل شيء، ولا يدركون قيمة أي شيء.”

    شخصيا حللت هذه المشاكل في التواصل على الويب ومشاركة صوتك من خلال خلق شبكتي الخاصة للتواصل وفق رؤية تعتمد على الإمكانيات المتوفرة لي. موقعي الشخصي (ولن أذكر الرابط لأن ليس هدفي التسويق له)، يستخدم تمبلر لإدارة محتواه، ولكنني عطلت فيه كل خاصيات تمبلر، أي أستخدمه فقط كوسيلة سهلة للنشر. أنشر تدوينات بلا عناوين (وهذا مشابه لتويتر)، وألتزم بعدم إطالة التدوينة الواحدة لتصبح مقالا (وهذا يختلف عن المدونات)، ولا أتيح خاصية التعليق على المحتوى (وهذا خلَّصني من إزعاج فيسبوك وتسيب الناس في ردودهم الفارغة غالبا)، وأسمي كل هذا “سجل” (أو log).

    الفكرة من شبكتي هذه هو أنني كنت أبحث عن مكان لا ألتزم فيه بموضوع معين، وأستخدمه لتسجيل أفكاري التي يمكن مشاركتها مع الآخرين، ويجمع بين ما اعتاد الناس عليه من تويتر وفيسبوك والمدونات. لا أستخدم أي برمجيات للتبع أو لمعرفة من زار الموقع أو أنشر الإعلانات. كل هذا غير مهم. المهم هو وجود مساحة لي على الويب أحترم فيها الآخرين، وفي نفس الوقت، أتخلص من إزعاج الشبكات الاجتماعية وانتهاكها لخصوصيتي.

    بالمناسبة، ألغيت جميع وسائل التواصل الاجتماعي على هاتفي منذ أسبوع، وجميع المواقع الإخبارية التي اعتدت زيارتها، وهذا أفضل شيء فعلته لراحتي على الإطلاق!

    1. أحاول إقناع صديق بالتخفيف من التطبيقات والشبكات الاجتماعية لأنني أعلم أن في ذلك راحة للبال كما في تجربتك.

      قبل فايسبوك وتويتر وغيرهما ماذا كان الناس يفعلون؟ منذ ظهرت الإنترنت والناس يصنعون أماكن لتجمعهم، كانت هناك منتديات كثيرة متخصصة في مجالات عديدة، وبعضها ما زال موجوداً إلى اليوم، ما فعلته فايسبوك هو جمع كم كبير من الناس في مكان واحد وهذه مشكلة، كذلك نموذج التربح الذي تتبعه فايسبوك وتويتر مشكلة أخرى، هم يعتمدون على تفاعل الناس مع بعضهم البعض ولا يهتمون لنوع هذا التفاعل أو فائدته أو ضرره، فقط عندما بدأت جهات خارجية بالضغط عليهم غيروا سياساتهم قليلاً، لكن هذه الأماكن أصبحت مسمومة.

Comments are closed.