منوعات السبت: البثيثة

الرسام: جون كونستبال

(1)
في تويتر طرح الأخ إسلام شحاته موضوعاً في سلسلة تغريدات وطلب مني تعليقاً ورأيت أن أكتبه هنا لأن تويتر ليس المكان المناسب.

الإنترنت اليوم تعتمد كثيراً على خدمات الشركات الكبرى وهذه الشركات لديها مراكز بيانات كبيرة تستهلك الكثير من الطاقة لحفظ بيانات الناس، استهلاك الطاقة يعني أن هناك حرارة تنتجها ملايين المعالجات وهذه بحاجة لتبريد والماء يستخدم لفعل ذلك والعديد من مراكز البيانات وضعت في أماكن قريبة من المياه وتستهلك الماء بمعدلات كبيرة، الماء في الأرض لا يختفي بل يتبخر ويصبح سحاباً ويعود للأرض من خلال المطر، لكن هل يعود لنفس المكان الذي تبخر منه؟ غرب أمريكا تعاني من الجفاف ومنذ سنوات عديدة وقد يزداد الوضع سوء هناك.

بالطبع هناك حلول لهذه المشكلة لكن بطبيعتي لا أحب هذه الحلول التي لا تعالج أساس المشكلة، مثلاً إعادة التدوير فكرة طرحت لمشكلة استهلاك الموارد وخصوصاً البلاستك ثم يتبين أن معظم البلاستك لا يعاد تدويره والشركات المصنع للبلاستك روجت للتدوير وللمسؤولية الشخصية للتهرب من مسؤوليتها، الحل سيكون بإيقاف إنتاج البلاستك والحد من استخدامه والبحث في بدائل طبيعية وهناك العديد منها لكنها بحاجة لمن يتبناها ويصنعها على نطاق واسع لتصبح بديلاً فعلياً للبلاستك وعلى مستوى العالم.

مراكز البيانات وخدمات الشركات حولت الحواسيب الشخصية على قوتها إلى أجهزة طرفية (Terminal) تعتمد كلياً على خدمات الشركات، العمل ينجز من خلال مواقع وهناك عدة تطبيقات تحتاج لاتصال بالشبكة مثل تطبيقات أدوبي وتطبيقات أوفيس من مايكروسوفت وكلاهما كانا في نسخ سابقة تطبيقات تعمل على الحواسيب وهذا في وقت كانت الحواسيب تقدم أداء أقل مما تقدمه حواسيب اليوم.

حواسيب اليوم قادرة على تشغيل البرامج لكن توجه الشركات نحو الاشتراك كأسلوب للتربح حول البرامج إلى خدمات تحتاج لمراكز بيانات وتحتاج لاتصال بالشبكة، هكذا تربح الشركات أكثر وتفرض سيطرة أكبر على برامجها ويكون لها تأثير أقوى على المستخدمين ويجد الناس أنفسهم مجبرين على استخدام هذه البرامج، في العديد من المؤسسات الموظف لا يقرر البرامج التي سيستخدمها بل تقرر له المؤسسة وتفرض عليه والمؤسسات تتجه للحلول المألوفة والتقليدية وهذا يعني مايكروسوفت وأدوبي وأوراكل وشركات عديدة كلها تقدم خدمات عبر الشبكة اليوم.

الحلول التي أود أن أراها تحدث لن تكون سهلة وقد تكون مستحيلة، كثير مما يستهلك الطاقة اليوم هي تطبيقات ترفيهية يمكن الاستغناء عنها لكن هل ستفعل ذلك الشركات طواعية؟ هناك الكثير من المحتوى السيء في الشبكة أو محتوى سبام (spam) ومحتوى يصنع بهدف نشر معلومات خطأ وإثارة الفتنة وهناك المليارات من الرسائل الإلكترونية التي تروج لكل شيء وكل هذا يستهلك الكثير من الطاقة وحذفه سيكون في مصلحة العالم لكن كيف تحذف كل هذا؟ هذا ليس سهلاً.

تقليص الاستهلاك هو حل أساسي كما أرى وهو حل يمكن للفرد فعله وجهود الأفراد مهمة لأنها تغير الرأي العام، شخصياً أعتمد على برامج محلية بقدر الإمكان وهذا يجعلها تعمل بدون اتصال بالشبكة وهذا أمر يهمني حتى لا يحدث انقطاع وأضطر للتوقف عن العمل.

هناك حل آخر لكنه حل لن يحدث وهو ببساطة أن تتوقف شركات التقنية عن تطوير تقنيات جديدة وتركز على تحسين أداء التقنيات الحالية بتقليل استهلاكها للطاقة، وأن تسعى شركات البرامج ومصنعي أنظمة التشغيل إلى أن تصبح أكثر كفاءة وتستهلك موارد أقل وتعمل على حواسيب قديمة، لكن هذا لن يحدث فليس هناك مصلحة تجارية في فعل ذلك.

لدي يقين أننا في عالم الحاسوب وصلنا لمرحلة تشبع لكن المؤسسات تسعى للربح دائماً وستصنع الحاجة وتروج لها وتجعلها متطلباً يريده الناس.

الموضوع يمكن أن يكتب عنه الكثير، لذلك أنصح بروابط:

الحوسبة الدائمة شيء أتمناه لكن أدرك أنه شيء صعب أو شبه مستحيل، أن تصنع شركة ما حاسوباً يبقى لخمسين عاماً يعمل بلا مشكلة، نظرياً هذا ممكن وعملياً لن ترغب أي شركة في فعل ذلك ما دمنا نعيش في عالم استهلاكي.

ولدي أفكار عدة حول الموضوع وكل واحد منها يمكن أن يكون موضوعاً منفصلاً:

  • الشبكات اللامركزية جزء من الحل.
  • معظم ما نفعله هو إرسال واستقبال النصوص وهذا لا يتطلب كثيراً من الطاقة.
  • البرامج اليوم تضخمت كثيراً وتستهلك موارد أكثر مما تحتاجه، مثال: البرامج المعتمدة على تقنيات الويب.
  • المواقع تضخمت وتصغير أحجامها وأحجام صفحاتها جزء من الحل.
  • الفيديو بمقياس 1080p أكثر من كافي وأي شيء أكثر من ذلك هو ترف لا يحتاجه أي شخص.

النقطة الأخيرة سيعترض عليها البعض أو حتى الكثيرين، لكن لدي يقين أن حجم الفيديو يجب أن يصل لمقياس ما ثم يتوقف، هل العالم بحاجة إلى 4K ثم 8K ثم 12K؟ لا، لا أحد بحاجة لذلك، الشركات بحاجة لخلق الحاجة لكي تجعل الناس يتخلصون من الشاشات وأجهزة التلفاز وشراء الجديد منها.

(2)
في موضوع الروابط السابق وضعت رابط عن البسيسة وهي وجبة تؤكل في تونس وليبيا كما قرأت في الرابط ولا شك أنها تؤكل في بلدان أخرى، اسمها يشبه كثيراً اسم أكلة هنا في الإمارات تسمى البثيثة، وقد يكون لها أسماء أخرى في دول الخليج.

البثيثة بسيطة وتحتاج فقط لثلاث أشياء:

  • طحين محمص.
  • تمر بدون نوى.
  • دهن أو زيت.

اخلط الثلاثة مع بعضهم البعض حتى يصبح لديك طحين بلون بني غامق ويقترب من لون التمر، يمكنك زيادة التمر أو الدهن بحسب الرغبة، هذه الأكلة تدوم  لشهرين أو أكثر، وقد كان الناس هنا يصنعونها قبل السفر ومقاديرها متوفرة في كل منزل، الآن ما زال الناس يصنعونها وهي وجبة مغذية، رأيت وصفات في بعض المواقع تضيف السكر وهذا مخيف، التمر فيه ما يكفي من السكر ولا يحتاج لسكر إضافي.

يمكن إضافة بعض البهارات مثل الهال أو الزعفران إن أردت لكن لا تضف السكر أو العسل، هذا فيديو يعرض عملية صنع البثيثة وكما ترى الأمر سهل حقاً.

(3)
اتصالي الدائم بالشبكة ومتابعتي لأخبار التقنية منذ التسعينات واستخدامي للحاسوب منذ الثمانينات وحتى اليوم، كل هذا يجعلني أحياناً أود التوقف عن فعله وأقطع اتصالي بالشبكة كلياً وأركز على فعل أي شيء آخر بعيداً عن الحاسوب.

لست وحيداً في ذلك وقد رأيت مبرمجين ومصممين وأناس بدأوا شركات تقنية يخرجون من عالم التقنية بعدما حصلوا على ما يكفي من المال، يشترون مزرعة ويعيشون حياتهم مع الزراعة وحيوانات المزرعة.

ليس لدي فكرة واضحة عما أريد قوله أو فعله هنا، أفكر بصوت عالي فقط.

5 thoughts on “منوعات السبت: البثيثة

  1. الاعتماد على الشبكات اللامركزية هو جزء كبير من الحل .. هذه الوصاية التي سلم الجميع بها وكأن شبكة الانترنت ليس من الممكن صنع بديل محلي لها.
    والاعتماد على الذات جزء كبير آخر من الحل لأن الاعتماد على خدمات الشركات الكبيرة أنتج أجيالاً لا خبرة تقنية لها وأنتج أيضاً شركات محلية تعتمد بشكل كامل على الأنظمة التي تقدمها الخدمات السحابية بحيث أن أي انقطاع للنت سيخلق عندهم مشاكل كبيرة، بدلاً من أن يأتوا بمشرف تقني محلي أصبحوا يعتمدون على موظفين تابعين لشركات أخرى.
    شبكة الانترنت أصبحت قوة يساء استخدامها جداً ويهدر الناس عليها الكثير من الوقت، بالنسبة لي أحاول أن يكون استخدامي لها محدوداً للأغراض الهامة والتعليمية وللعمل طبعاً وأحاول الاتجاه لتمضية الوقت في القراءة.
    الابتعاد بشكل ما عن التقنية هو إجراء ضروري، أحلم بشبكة تقدم ما هو ضروري فقط بحيث أستطيع الدخول عليها بأوقات معينة بدون ملهيات، الحياة في مزرعة ريفية أمر جميل بشرط قربك من المدينة 🙂
    الحواسب الشخصية في هذا الزمن لديها إمكانيات أكبر من إمكانيات السيرفرات نفسها وبالإمكان الاعتماد عليها بشكل كامل ولكن كما قلت الأسباب التجارية تمنع ذلك ولا بد من الاعتماد على الجهود الذاتية لتحقيقه
    أسف على الاطالة هذه مقالة دسمة حقاً وتلخص أموراً هامة جداً .

  2. لا تزال برامج أدوبي و مايكروسوفت تعمل على الحواسيب، لكن لتثبيتهما يحتاج الشخص للإنترنت أثناء تثبيت Creative Cloud و Office 365، بعد ذلك لا يحتاج الشخص للإنترنت إلا لتجديد الاشتراك في حال الاشتراك الشهري. مايكروسوفت لديها Office 2021 و يدفع ثمنه مرة واحدة. المشكلة موجودة بشكل ملحوظ في خدمات Google Docs التي تحتاج الاتصال بالإنترنت دائماً. كتب Google Play تحتاج للإنترنت و قد اشتريت كتاباً عن الشبكات مترجم للعربية لكن لا يعمل إلا بوجود اتصال بالإنترنت.

  3. اﻹنترنت غير المركزية فكرة جيدة لكن المشكلة في التطبيق، كانت لدي تجربة قصيرة في أحد البرامج التي اقترحتها في أحد تدويناتك السابقة يا أخ عبدالله وأعجبتني فكرتها -لا أذكر الموقع بالضبط- والتي تعمل بطريقة مشابهة لشبكة تورنت. ثبت البرنامج وحاولت إرسال ملفات به ثم فتحها في جهاز آخر، المشكلة أن البرنامج أخذ كل سعة النت، أصبح النت بطئ وتعذر الوصول له من باقي شبكة الوافاي في البيت، فهو لا يُخزن المحتويات في أجهزة المستخدمين فقط، لكنه يستهلك سعة النت.
    كذلك فإن الاتجاه للحوسبة السحابية هو تقليل للتكلفة، فلا تحتاج كل مؤسسة خصوصاً الصغيرة منها أن يكون لها مخدمات وغرفة مجهزة بالبطاريات لضمان عمل المخدم طوال الوقت ومهندس تقنية معلومات على اﻷقل. تخيل أن كل شركة لديها مخدم بريد محلي فسوف تكون تكلفة إرسال البريد أعلى بكثير من الاعتماد على المخدمات العالمية مثل جيميل، نحن نتكلم على آلاف الشركات والمؤسسات في كل بلد، يعني آلاف المخدمات إذا اخترنا حلول الاعتماد للمخدمات المحلية، وفي نفس الوقت لا يُستخدم منها أكثر من 1%، إذا دخلت على أي مخدم محلي لمؤسسة صغيرة أو متوسطة أثناء اليوم سوف تجد معظم الوقت أن استغلال المعالج 0%، بينما إذا كانت مركزية سوف يصل استغلال موارد المخدمات والبطاريات وكل التجهيزات بدرجة أعلى مما يُقلل التكلفة التشغيلية والأولية. أنا شخصياً كنت من معارضي الحوسبة السحابية، أما اﻵن بعد ما جربت اﻹثنين فإن الاتجاه يسير بقوة نحو الحوسبة السحابية بميزاتها وعيوبها، ويمكن الاستفادة من ميزاتها وقلة تكلفتها بالعمل على حل مشاكلها مثل السرية والبعد عن الشركات العالمية الكبيرة المسيطرة وإيجاد بدائل محلية في كل دولة لإنشاء بنية سحابية

  4. أما البثيثة فقد أعجبتني جداً خصوصاً فكرة تحميص الدقيق أو الطحين في النار فهي فكرة جديدة لم أراها من قبل، وبدأت أخطط لها أثناء مشاهدة ذلك الفيديو عنها اليوم، لكن تحتاج لعطلة نهاية اﻹسبوع لمثل لهذه الوصفة – وربما لا أصبر-.
    لدينا في السودان وصفة مشابهة لنفس المكونات لكن دون السمن، فقط دقيق القمح والتمر، لكن تمر وليس عجوة، تُسمى “قراصة البلح” وهي زاد للمسافر أو كما يُسمونها بالعامية “زوادة السفر”. من الغريب أن تتشابه كل هذه البلدان في كثير من الأكلات لكن تختلف في مسماها

  5. لدينا نفس الوجبة تسمى الرفيس .
    تاريخيا شعوب شمال إفريقيا جاؤوا من الخليج العربي ،خاصة قبائل بني هلال وسليم وغيرها …لذلك نشترك في الانماط الغذائية…
    بالنسبة للانترنت اظنها تخللت حياتنا وصعب جدا أن نتخلى عنها ،يمكننا التقليل من إستعمال الشبكة لكن أصبحت مثل الماء و الكهرباء …

Comments are closed.