الطعام كمربعات ومشكلة الفعالية

هناك شركة جديدة تريد أن تبيع الطعام على شكل مربعات، شركة SQUAREAT (بأحرف كبيرة) تعرض فكرة صنع الطعام على شكل مربعات كل واحد منها يزن 50 جراماً، الشركة تقول بأن هذه المربعات صنعت من مواد طبيعية وبدون إضافات، وطريقة طهي المربعات تجعلها مناسبة للأكل لأربع أسابيع، الهدف هنا هو بيع المربعات على شكل وجبات توصلها الشركة للزبائن، والزبون عليه فقط تسخين المربعات بحسب الحاجة وأكلها.

تبدو خدمة فعالة وتوفر الوقت، الخدمة تسوق لنفسها على أنها طريقة لتقليل هدر الطعام والنفايات وتقديم طعام صحي يبقى لفترة طويلة بدون أن يتعفن.

ردود الفعل على الفكرة كان كثير منها سلبي وتذكرني بمنتج آخر وهو Soylent الذي بدأ كمنتج واحد كما أذكر، بودرة مكونات طعام تصب عليها الماء وتشربها وهكذا تعطي جسمك كل ما يحتاجه من المواد الغذائية دون أن تضيع وقتك في شراء الطعام وحفظه وطبخه، هذه أيضاً فكرة وجدت كثيراً من النقد خصوصاً أن اسمها يشبه اسم طعام في رواية خيال علمي.

ما شد انتباهي هو الحديث عن الفعالية، فعالية صنع وشحن وتخزين المربعات سيكون أفضل من شحن الطعام بأشكاله الطبيعية كفواكه وخضار ولحوم مختلفة، بدلاً من الأحجام المختلفة هناك حجم واحد لكل شيء، لا شك هناك فائدة في رفع فعالية أي شيء لكن كذلك هناك مشكلة في السعي نحو الفعالية، ما الذي سنفقده لو أن كل الناس تحولوا لأكل هذه المربعات؟ كذلك ماذا عن مشكلة البلاستك المستخدم لتغليف المربعات؟

الطعام جزء مهم من أي ثقافة، وإن استبدلناه ببودرة أو مربعات سنفقد جزء من هويتنا، لكن يمكن النظر لهذا المنتج على أنه شيء سيلبي حاجة لجزء من الناس، بعض الناس ليس لديهم اهتمام بالطبخ أو ليس لديهم الوقت ويطلبون الطعام من الخارج فلم لا يطلبون هذه المربعات؟ كذلك لا أجد مشكلة في أن أشتري مثل هذه المربعات في حال كنت على سفر وتوقفت عند محل على الطريق، لكن طعام يومي؟ هذا ليس خياراً مناسباً.

هناك جانب آخر للشركة لم أتحدث عنه بعد: الاستثمار، قد تجد الشركة استثمارات مختلفة خصوصاً من صناديق يديرها ممولين من وادي السيليكون، بعضهم سيرى بعضهم فكرة رائعة في المنتج وسيستثمر فيها.

السعي نحو الفعالية ورفعها سيؤدي بالبعض لصنع خدمات ومنتجات تلغي جانباً من ثقافة الناس وإنسانيتهم، لكن كل شيء يمكن التضحية به على مذبح الفعالية ما دام البعض لا يفكر في أي قيمة أخرى.

4 thoughts on “الطعام كمربعات ومشكلة الفعالية

  1. أجد فكرة المربعات أقرب لفكرة الأطعمة المجمدة التي تبقى لمدة طويلة، و الفكرة تبدو جيدة لكن نحتاج لتجربتها لمعرفة مدى عمليتها.

    1. طريقة تفكير مؤسسي الشركات التقنية هي النظر لأي شيء غير فعالة ثم تطوير منتج يلغي ذلك ويقدم وسيلة جديدة أكثر فعالية، غالباً يلغون العنصر أو الجانب البشري من أي شيء، مثل عملية الشراء بدون الحاجة للتفاعل مع الناس أو التسوق الإلكتروني، كل شركة تحاول إلغاء شيء واحد وفي النهاية يصبح الفرد المعتمد على خدماتهم غير مرتبط بالناس بل بهذه الشركات.

Comments are closed.