لعبة: مهمة الملك 1

في الثمانينات كان أحد أبناء الجيران يملك حاسوب آي بي أم AT وبالطبع كان الاستخدام الأساسي له هو تشغيل الألعاب، أتسائل الآن كيف حصل على الجهاز لأن ويكيبيديا تقول بأن سعره يعادل 18900 دولار اليوم وهذا سعر مرتفع حقاً، على أي حال، من بين الألعاب التي رأيتها على الجهاز كانت لعبة مهمة الملك أو King’s Quest، أول شاشة تراها عندما تبدأ اللعبة هي مقدمة ثم هذه الشاشة:

هذه الشاشة كانت مثيرة للحماس! الأعلام أعلى القلعة كانت ترفرف، التماسيح تسبح في الماء، وأنت تلعب شخصية غراهام بقبعته الزرقاء ووجهه الأصفر، ألوان ورسومات اللعبة كانت بدائية لكن اللعبة أثارة مخيلة العديد من الناس في ذلك الوقت، لأنها فعلت شيئاً جديداً وهو تحريك الشخصية والأشياء في الشاشة، ما زالت تحتاج لكتابة الأوامر لكن اللاعب يتحكم بحركة بطل القصة.

اللعبة اشتهرت كذلك بأنها توفر عدة طرق إبداعية لقتل غراهام، في هذه الشاشة الأولى هناك طريقتان! مصممي اللعبة ولسبب ما قرروا معاقبة اللاعب ووضع أحاجي صعبة وهذا أدى إلى أن تحتاج اللعبة أسابيع أو حتى أشهر لإنجازها، لاحقاً الشركة وفرت خط هاتف غير مجاني يقدم تلميحات لحل ألغاز الألعاب.

الشركة المطورة كانت سيرا أونلاين (Sierra Online)، واحدة من أهم شركات ألعاب الفيديو وقد ماتت بنهاية التسعينات ولذلك قد لا يعرفها محبي الألعاب اليوم، الشركة عرفت بصنع سلاسل ألعاب مغامرات وأهمها كانت سلسلة مهمة الملك وسأتحدث عن ألعاب أخرى لاحقاً، الشركة أسسها واشتغل فيها أناس يحبون تطوير الألعاب ولذلك سترى أن ألعابهم لها ذوق مختلف، لا أدري كيف أصف ذلك فهو أمر عليك تجربته وقد لا توافقني إن فعلت.

قصة اللعبة بسيطة فأنت تلعب دور الفارس النبيل غراهام الذي ولسبب ما كان يقف بجانب قلعة الملك، بإمكانك التجول في اللعبة كلها من البداية لكن من الأفضل أولاً أن تذهب إلى الملك، عندما تتحدث معه يخبرك الملك أن لديه مهمة لك وهي جمع الكنوز الثلاثة التي أخذت من المملكة وإعادتها وإن فعلت ذلك ستصبح الملك غراهام، الكنوز هي: مرآة سحرية تخبرك عن المستقبل، ترس يحمي أي شخص من أي خطر وصندوق ذهب.

المهمة واضحة وبسيطة، أجمع الكنوز الثلاثة وعد إلى الملك، لماذا إذاً أحتاج البعض لوقت طويل لإنجاز اللعبة؟ لأن اللعبة صممت بطريقة تجعلها صعبة حقاً لكن اللعبة توفر كذلك أكثر من حل لعدة ألغاز، مثلاً هناك لغز مشهور حيث يجب عليك تخمين اسم قزم في ثلاث محاولات، إن كنت تعرف القصص الخيالية للأخوين غريم ستعرف الإجابة مباشرة وستكون الإجابة الخطأ!

المطورة المسؤولة عن ألغاز اللعبة لم تكتفي بأن تأخذ شخصية من قصص الماضي، هذا سهل، عليك أن تقرأ ملاحظة في بيت ساحرة لتعرف أن الإجابة يجب أن تكتب بالعكس وإن فعلت ذلك ستكون الإجابة الخطأ كذلك! المطورة أرادت أن تقدم لغز أكثر صعوبة، لا يكفي أن اسمه يجب أن يكتب بالعكس بل يجب أن تستخدم الحروف الإنجليزية بالعكس كذلك، لن ألومك إن بحثت عن حلها في الشبكة بل أنصحك أن تفعل ذلك ولا تضيع وقتك.

حتى لو لم تخمن الإجابة سيعطيك القزم مفتاحاً، إن أجبت أحجيته بجواب صحيح سيعطيك شيئاً آخر يقودك لنفس المكان وهي حبوب سحرية تزرعها في مكان محدد لتظهر شجرة كبيرة تمتد إلى أرض فوق السحاب، هناك عليك مواجهة عملاق يحمل صندوق الكنز، وهنا يمكنك استخدام عدة حلول لفعل ذلك، يمكنك قتل العملاق أو استخدام خاتم سحري لكي تصبح غير مرئي لفترة ويتعب العملاق وينام أو يكون لديك الترس السحري الذي يحميك ويتعب العملاق.

لاحظ أن اللعبة تحوي رقم يبين مدى تقدمك في اللعبة، هذا الرقم غير مهم لكن إن كنت تهتم بالحصول على علامة كاملة عليك أن تعرف ما الذي يجب فعله في كل موقف، مثلاً إن قتلت العملاق فلن تحصل على نقاط كاملة، اللعبة تشجع الحلول غير العنيفة، لكنها كذلك تشجع العنف ما دام أن غراهام لم يمارس العنف بنفسه.

العالم مشكل من 6 × 8 شاشات وهذا عالم صغير لكن هناك شيء تفعله اللعبة يجعل العالم يبدو بلا نهاية، تصور أنك في الشاشة رقم 1.1 وقررت الذهاب إلى الجنوب إلى الشاشة رقم 1.2 ثم أكملت السير حتى وصلت إلى شاشة 1.6، هنا وصلت إلى آخر شاشة أفقياً ويفترض أن اللعبة تضع حد ما يمنعك من السير إلى الجنوب لكن اللعبة لا تفعل ذلك بل تعيدك إلى حيث بدأت في الشاشة 1.1، وكذلك الأمر إن سرت باتجاه الشرق أو الغرب، لذلك من السهل أن تشعر بالتيه في اللعبة.

التيه مشكلة بسيطة، اللعبة تعاني كذلك من وضع عقبات تمنعك من إكمال اللعبة، مثلاً هناك قزم يظهر في مكان محدد وسيسرق منك بعض ما حصلت عليه في مغامراتك وإن سرق شيء مهم فلن تستطيع إنهاء اللعبة، أضف لذلك احتمال موتك مرات عدة في كل شاشة وتصبح لديك لعبة مثيرة للسخط، لذلك أحفظ اللعبة قبل أن تفعل أي شيء وبعد أن تنجز أي شيء.

اللعبة لها معجبون كثر يتذكرونها من الماضي وكذلك معجبون جدد يعرفون أهميتها ومكانتها، ومن بين المعجين هناك من قرر إعادة تطوير اللعبة وطرحها مجاناً، هناك موقع اسمه AGD Interactive يوفر نسخ حديثة من بعض الألعاب القديمة ومن بينها لعبة مهمة الملك 1، أنصحك بهذه النسخة لأنها تقدم تجربة أفضل، أولاً تستخدم ألوان VGA وهذا يعني 256 لوناً بدلاً من 16 لون، هناك تمثيل صوتي رائع في اللعبة، الشاشات رسمت بأسلوب جميل يذكرني بعدة ألعاب من التسعينات.

بقي أن أذكر الناس الذين ينجزون هذه اللعبة في أقل من دقيقة! هذا موضوع آخر طويل لذلك أكتفي بهذا الفيديو عنهم:

8 thoughts on “لعبة: مهمة الملك 1

    1. نعم، كانت شركات الألعاب في ذلك الوقت صغيرة ومشكلة من أفراد قلة، لم يكن هناك محترفوا مبرمجي ألعاب كما نعرفهم اليوم، كان هناك أفراد يصنعون الألعاب في منازلهم، فترة جميلة تستحق التوثيق.

  1. “إن كنت تعرف القصص الخيالية للأخوين غريم ستعرف الإجابة مباشرة وستكون الإجابة الخطأ!”
    lol
    أول لعبة اراها تعاقبك بدل المكافئة على معرفتك للامور خارج اللعبة 🙂

    “وإن فعلت ذلك ستكون الإجابة الخطأ كذلك”
    WOW

    “هناك قزم يظهر في مكان محدد وسيسرق منك بعض ما حصلت عليه في مغامراتك وإن سرق شيء مهم فلن تستطيع إنهاء اللعبة،”
    comon -_-

    اذا اخبرت اي شخص حاليا بهذا سيستغرب كيف يمكن لانسان لعب مثل هذه الالعاب
    لكنه معذور لانه لم بشعر بالسحر الذي كان اللاعب يراه في ذلك الوقت

    كانت الالعاب في بدايتها بالنسبة للكثيرين أشبه بالخيال او الحلم الذي تحول لواقع جميل
    يستمتع به رغم صعوبته
    كما ان محدودية التقنية في ذلك الوقت اجبرت المطورين على اطالة امد اللعبة للحد الاقصى باقل الموارد

    مقال مميز 🙂

    1. بارك الله فيك، وشكراً على ردات الفعل، بالفعل هكذا أشعر عندما جربت اللعبة، لاحقاً المطورين طرحوا نسخة أحدث ألغت بعض الصعوبات، كأنه اعتراف بأنهم بالغوا في وضع صعوبات أمام اللاعب.

      والأمر كما تقول في الماضي، هذه الألعاب كانت كالسحر، شيء جديد وعجيب ولم يكن هناك معرفة أو خبرة في تصميم الألعاب أو تطويرها، كانت حقل جديد يكتشفه المطور واللاعب كذلك.

      هناك خمس أو ست ألعاب في السلسلة سأتحدث عنها قريباً إن شاء الله، على أمل ألا تؤخرني الصعوبات في هذه الألعاب 😅

  2. الألعاب الإلكترونية تعتمد على الخيال، الألعاب الحديثة حاولت أن تجعل اللعبة شبيهة بالواقع من حيث رسم الشخصيات و الجرافيكس لكنها لا تنجح لأن اللعبة يجب أن تشغل خيال اللاعب، ألعاب بسيطة هدفها الترفيه و ليس مشاركة الإنجازات على الشبكة.

Comments are closed.