سيارة يخجل منها الإنسان

سألت في موضوع سابق عن سيارتك العائلية الأولى وأود الحديث عن سيارة صديق لم أره منذ التسعينات، تذكرته بعد نشر الموضوع السابق بسبب سيارتهم العائلية، السيارات كانت وما زالت رمزاً للمكانة الاجتماعية ومن يهتم بذلك سيقيم الناس بحسب السيارات التي يملكونها وسيشتري السيارة التي يظن أنها ستثير إعجاب الآخرين أو تعطيهم فكرة أنه ذو مكانة اجتماعية عالية، من لديه شيء من الحكمة لن يكترث لكل ذلك وسيشتري السيارة التي يريد.

في منتصف التسعينات كنت أزور بيت صديق مع أصدقاء آخرين، في صباح يوم ما وبعد جلسة مألوفة حول التلفاز وألعاب الفيديو حان وقت العودة وغالباً أعود مشياً لكنه قرر في ذلك اليوم أن يستخدم سيارة المنزل، لم يحصل على رخصة قيادة بعد لذلك سيقود السيارة السائق.

صديقي أصر على أن أركب في الأمام لكن أصررت على أن المقعد الخلفي مريح أكثر، جلس في الأمام وجلست في الخلف وانطلقنا نحو المنزل، المسافة بين المنزلين تحتاج لعشرين دقيقة مشي تقريباً وهذه ليست مسافة كبيرة لكن الطقس في أبوظبي حار ورطب، لكن لم نكن نكترث كثيراً لذلك في ذلك الوقت، وأتمنى لو لم نتوقف عن فعل ذلك، أوافق الأخ أبو إياس بأن الجسم بحاجة للحركة.

ما رسخ في ذاكرتي ولم أنسه هو ردة فعل صديقي حيث بدأ في الاعتذار عن السيارة، فهي في رأيه سيارة بسيطة رخيصة وعملية ويبدو أنه يخجل من ذلك، وفعل ذلك عدة مرات وفي كل مرة أسأله لماذا يعتذر؟ السيارة رائعة وتعجبني، السيارة كانت مازدا أم بي في، وبالتحديد الجيل الأول منها، الصورة أعلاه للسيارة لكن بعد تجديدها في 1995 وإضافة باب آخر لجانب السائق.

السيارة تصنف على أنها ميني فان وتعمل بدفع خلفي مع توفر خيار دفع رباعي وهذا غريب لكن عملي لمن سيستخدم السيارة في بعيداً عن الطرق المعبدة، عملياً السيارة تبدو لي سيارة عادية مع ارتفاع إضافي وهذا الإرتفاع يشكل فرقاً مهماً، أتذكر كذلك أن جانب السائق فيه باب واحد والجانب الآخر له بابين، وهناك صف ثالث للمقاعد، السيارة كان بإمكانها نقل سبع أشخاص مع مساحة لا بأس بها في الخلف للأمتعة، هذه سيارة عائلية عملية.

عدة شركات صنعت سيارات بارتفاع إضافي حتى بدون إضافة صف ثالث للمقاعد، تكون لديهم سيارة مشهورة ويستطيعون تعديلها بسهولة، يرفعون السقف قليلاً ويغيرون التصميم الداخلي ليتناسب مع الارتفاع الإضافي ويرفعون من فعالية استغلال المساحات، مقابل ذلك السيارة يرتفع سعرها قليلاً، لكن هناك من يرى أن السعر ليس له مبرر، شخصياً أرى العكس، إضافة ارتفاع للسيارة يجعلها عملية أكثر ومريحة أكثر.

أمثلة لهذه السيارات:

هذه السيارات لم تعد تصنع ولم يصل شيء منها إلى الإمارات، كثير من السيارات التي تعجبني تكون محدودة لسوق واحد مثل اليابان أو الصين أو أوروبا، السوق هنا في الإمارات يفضل السيارات الكبيرة، الجيل الثاني من غولف بلس يعجبني تصميمه كثيراً:

لم أتحدث عن نظرة بعض الرجال لبعض السيارات على أنها سيارات نسائية لأن النساء هن أكثر من يشترين هذه السيارات أو هذا ما يراه الرجل في الشارع كل يوم، حتى لو كان معجباً بالسيارة فلن يشتريها لأنها سيارة “نسائية”، هناك أيضاً النظرة للسيارة بحسب شهرتها ومكانتها مثل مرسيدس مع أن سياراتها قد تعاني من أعطال عدة وتكلف الكثير لصيانتها، في حين أن سيارة جيدة من شركة غير معروفة بالنسبة له قد يعني امتناعه عن شراء السيارة، كل هذا أجده غريباً مع أنني أفهمه، بعض الناس يهتمون كثيراً بنظرة الآخرين وما قد يقوله الناس مع إدراكنا أن الناس في الغالب لن يهتموا ومن يتكلم قد يكون شخصاً واحداً ينبغي علينا عدم الاكتراث لما يقوله.

أي شخص يحكم عليك من مظهرك يمكنك تجاهل كلامه … وربما ينبغي الابتعاد عنه.

5 thoughts on “سيارة يخجل منها الإنسان

  1. في الحقيقة ما يمنع معظم الاشخاص من شراء السيارة التي تناسبهم هو السوق، حيث أن مفهوم سيارة السوق له دلالاته: أولاً السيارة المرغوبة في السوق والمنتشرة لها قطع غيار متوفرة، ثم لها سعر مجزي عند إعادة بيعها، بخلاف السيارة النادرة وغير المرغوبة في السوق، إلا إذا كان الشخص ينوي أن تعيش معه فترة طويلة ولا يفكر في بيعها.
    المشكلة الثانية من يشتري السيارة المستعملة (وهي طريقة أكثر اقتصادية من شراء سيارة جديدة) فقد لا يجد السيارة التي يريدها بالضبط، إنما يجد السيارات المنتشرة بين الناس

    1. أرى أن كل سوق وله خصوصياته، ما كتبته في الموضوع هو جزء من الواقع الذي أراه في الإمارات، هناك أناس يهتمون بالمظهر والتميز ولا بأس بذلك، المشكلة أن هذا قد يدفعهم لشراء خيار يكلف الكثير ولعدة سنوات بدلاً من اختيار شيء عملي، أو يمنعهم من شراء ما يريدون بسبب الخوف من نظرات الناس وكلامهم.

  2. في تونس شراء السيارات مازال غير سهل للجميع لذلك السيارة تدل على المكانة الإجتماعية ، كذلك اللوحة المنجمية فهي تدل على عمر السيارة.

    1. لم أسمع باللوحة المنجمية من قبل ووجدت أن لوحات السيارات في تونس لها صفحة خاصة في ويكيبيديا العربية، في عدة بلدان اللوحات تدل على عمر السيارة ويمكن للشخص البحث عنها في قاعدة بيانات ومعرفة كم مالك لها في الماضي ويمكن أن يعرف كم سيارة مماثلة ما زالت تعمل كذلك.

      1. في تونس تكون عدد ثم تونس 236 مثلا ، كل 10 آلاف سيارة يضاف رقم يعني إذا كانت تونس 190 السيارة من سنة 2017 بسهولة يعرف عمرها وبالتالي هل الشخص مقتدر أم لا ، لأنه من الصعب شراء سيارة …مثلا سيارة كيا sportage هنا يعني شخص غني، رغم انها خارج تونس تعتبر عادية ، السيارات رباعية الدفع يعني غني جدا، لأن بنزينها غال جدا…

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *