إن قرأت روايات أغاثا كريستي أو شارلوك هولمز وتخيلت أنك تعيش في عالمها أو تمنيت لو أنك تستطيع فعل ذلك فهناك لعبة تقدم فرصة لتلعب دور المحقق أو على الأقل الشاهد على الأحداث، اللعبة نشرت في 1989 وطرح الجزء الثاني من السلسلة في 1992 ثم توقفت وهذا مؤسف، لأنني وجدت اللعبتين مميزتين على قدمهما وتمنيت لو أن السلسلة استمرت أو على الأقل يعاد إحياءها اليوم كما حدث لبعض ألعاب المغامرات القديمة.
اللعبة من صنع ونشر شركة سيرا أونلاين (Sierra Online) وهي شركة ألعاب فيديو أمريكية معروفة لمحبي ألعاب المغامرات ويمكن القول بأنها أهم شركة لهذا النوع من الألعاب مع أن الشركة لم تعد موجودة، الشركة طرحت سلاسل ألعاب معروفة مثل كنج كويست (King Quest) وهي السلسلة الأشهر وفيها تسعة ألعاب، وهي ألعاب خيالية تعتمد على الأحجيات وتقدم عالماً جميلاً وخطيراً يمكن أن يقتل اللاعب بعشرات الطرق! هذه الألعاب عرفت بأنها لا ترحم لأنها صعبة وتعاقب اللاعب إن لم يفعل الشيء الصحيح.
لورا بو هي الشخصية الرئيسية للسلسلة القصيرة والمختلفة كلياً عن الألعاب الأخرى للشركة، لعبتي لورا بو تركزان أكثر على الشخصيات والقصة وليس الأحجيات، وفي نفس الوقت تحافظ اللعبتين على التقاليد المهمة لشركة سيرا بأن تجعل عالم اللعبة يقتل اللاعب بطرق إبداعية مختلفة.
يمكن إنجاز اللعبة بدون حل أي أحجيات (ليس هناك الكثير منها) ويمكن كذلك عدم معرفة الكثير عن الشخصيات ويمكن أن يصل اللاعب إلى نهاية اللعبة دون أن يعرف الجاني الفعلي خلف الجرائم، اللعبة لها نهايتان ويمكن الوصول لأحدهما بحسب اختيارتك وما تفعله في اللعبة.
وصية الكولونيل
قبل أن تبدأ تسألك اللعبة في البداية عن بصمات شخصيات اللعبة، عليك أن تختار الجواب الصحيح وإلا لن تستطيع أن تستمر وستغلق اللعبة نفسها، هذا أسلوب حماية ضد النسخ وهو أسلوب قديم يعتمد على أن اللاعب اشترى الصندوق ومع الصندوق يأتي كتيب ومكبر لرؤية البصمات ومعرفة الإجابة، هذا شيء لم تعد شركات ألعاب الفيديو تفعله وإن كان بعضها يبيع الصناديق كنسخ خاصة وغالية الثمن تحوي أشيء لا يمكن وضعها في نسخة رقمية.
إن اشتريت اللعبة من متجر GOG فهناك ملفات تساعدك على معرفة الحلول يمكنك تنزيلها من المتجر، بعد تجاوز شاشة الحماية تبدأ اللعبة والبداية بعرض شخصيات القصة على مسرح، العديد من مطوري ألعاب الفيديو يريدون صنع ألعاب تحاكي المسرح والأفلام وهذه لعبة من 1989 تحاول ذلك، باستخدام رسومات بسيطة وست عشر لوناً فقط، ستجد شاشات جميلة وصممت بعناية والمؤثرات الصوتية بسيطة صممت لحواسيب ذلك الوقت، على قدم اللعبة وجدتها ممتعة ويمكن تجربتها أكثر من مرة، أتخيل لو أنني لعبتها في ذلك الوقت ستكون مرعبة بالنسبة لي فهذه لعبة ليست للصغار.
القصة تبدأ في جامعة تولين حيث تجلس لورا بو على كرسي في حديقة، لورا طالبة في تخصص صحافة وابنة محقق في الشرطة، تأتيها صديقتها ليليان لتدعوها إلى منزل عمها هنري، العم يعيش على جزيرة في مستنقعات لويزيانا والجزيرة كانت مزرعة في الماضي، هناك بيت كبير وتدور أحداث القصة في البيت والجزيرة، العم هنري طلب اجتماعاً عائلياً فذهب الجميع لقضاء أيام في بيته، على طاولة الطعام اجتمعت العائلة وجاء الكولونيل ليعلن أنه كتب وصية حيث يرث جميع من اجتمع هناك حصص متساوية (إلا لورا بو) وإن مات أي شخص منهم قبل الكولونيل ستوزع حصته على الباقين ثم ذهب، بدأ الحضور في النميمة وتمني موت الكولونيل بسرعة!
ليليان لم يعجبها النقاش فطلبت من لورا أن تذهبا إلى غرفتهما، هنا تبدأ اللعبة، يمكن التحكم بشخصية لورا من خلال مفاتيح التحريك أو الأسهم على لوحة المفاتيح وكذلك بمؤشر الفأرة لكن استخدم لوحة المفاتيح فهذا أسهل، الزر الأيمن للفأرة يمكن استخدامه للتأشير على أي شيء في الشاشة ومعرفة ما هو، إن كتبت أي شيء سيظهر ما كتبته في نافذة، اللعبة تعيش بين عالمين حيث الألعاب القديمة كانت تعتمد كلياً على الأوامر النصية والألعاب الجديدة ستعتمد على الفأرة فقط كأسلوب وحيد للتفاعل مع اللعبة.
الآن أنت تلعب دور لورا بو وأنت فعلياً محرك القصة بأن تكون شاهداً على الأحداث وتفاعل الشخصيات مع بعضها البعض، هناك ساعة تتقدم كلما كنت شاهداً على حدث مهم أو وصلت لنقطة ما وحدث شيء ما في المنزل أو الجزيرة وعليك معرفة ما الذي حدث وأين.
يمكنك الحديث إلى كل الشخصيات وسؤالهم عن الشخصيات الأخرى والأشياء التي تلتقطها، كذلك يمكنك أن تخبرهم عما حدث للشخصيات الأخرى، هذا كله يحدث بأوامر تكتب بالإنجليزية، مثل:
- لرؤية الغرفة: look، ولرؤية شيء محدد مثل الأرضية تكتب look floor.
- للحديث مع شخص: talk Lillian
- لفتح قفل باب: unlock door وأنت أمام الباب.
هناك دليل استخدام يعرض هذه الأوامر، اللغة بسيطة ولست بحاجة لأن تتقن الإنجليزية لتستخدم الأوامر.
القصة كلها تحدث في ليلة واحدة وفي مكان واحد محدود، مع ذلك استطاع مطوري اللعبة صنع لعبة ممتعة ومشوقة وجعلتني أعيد تجربة اللعبة مرة أخرى، في نهاية اللعبة هناك مقياس يخبرك عن أداءك وهناك مفكرة تحملها لورا تسجل فيها الملاحظات والمفكرة تخبرك بأن هناك أشياء لم ترها أو تفعلها وبالتالي للحصول على تقييم أعلى عليك إعادة تجربة اللعبة ومحاولة الحصول على كل شيء.
من خلال إعدادات اللعبة يمكنك زيادة سرعة الحركة وهذا أراه ضروري لأن لورا تمشي ببطء، ويمكنك كذلك حفظ اللعبة وهذا أمر مهم، احفظ اللعبة كلما أردت فعل شيء لأنك قد تصل لنقطة لا تراجع عنها أو يحدث شيء يقتل لورا وتفقد كل شيء فعلته من آخر حفظ.
مع ذلك لدي مقترح للاستمتاع باللعبة بعد أن تلعبها لأول مرة:
- جرب اللعبة مرة ثانية دون حفظ.
- اكتشف كل الطرق التي يمكن أن تموت فيها شخصية اللعبة! هناك العديد منها وفي أول غرفة هناك طريقة واحدة عليك اكتشافها.
- جرب الحصول على أقل أو أعلى تقييم، هذ ليس سهل.
اللعبة على قدمها ما زالت ممتعة ويمكن ملاحظة تميزها عن باقي الألعاب في ذلك الوقت، مطوري اللعبة نجحوا في صنع لعبة بقيت في ذاكرة من جربوها لأول مرة عند طرحها وهؤلاء كتبوا عنها بعد عقود وصنعوا مقاطع فيديو لها لاكتشاف كل أسرارها، من ناحية أخرى القصة تقليدية وبسيطة والشخصيات مستوحاة من الروايات، من الواضح أن تركيز مصممي اللعبة كان عل صنع اللعبة أكثر من القصة وشخصياتها.
عندي فضول لتجربتها .. الألعاب القديمة مريحة للأعصاب ولا تتطلب الكثير وليس الابهار هدفها الأساسي
هذه اللعبة من هذا النوع، كثير من ألعاب الماضي كانت مميزة وممتعة حقاً على محدودية قدرات الأجهزة، ضعف الأجهزة في ذلك الوقت كان دافعاً للإبداع.