بدأ الأمر مع تضايقي الشديد من محدودية واجهة الاستخدام في النظام الذي أستخدمه حالياً (ويندوز 10) لأنه لا يستخدم فكرة النص المترابط في الواجهة، لكي أتصفح ملفاتي علي أن أفتح كل ملف لوحده بينما لو كان النظام ذكياً كفاية وبواجهة جيدة سأتمكن من تصفح ملفاتي.
التصفح هنا شيء أتوقعه من أنظمة التشغيل لكن من يقدم هذه الخاصية؟ تصور مدير الملفات يمكنه عرض المحتويات لأي نوع من الملفات، وكلما يعرض ملفاً يعرض كذلك مقترحات لملفات أخرى ذات علاقة، وكل ما علي فعله هو النقر على أي ملف أو مقترح للانتقال بين المحتويات، للانتقال من ملف نصي إلى ملف PDF ثم إلى مقطع فيديو وهكذا يمكن أن تستمر السلسلة بلا انقطاع وبدون حاجة لفتح تطبيق منفصل لكل نوع من المحتويات.
هذا أعادني للقراءة مرة أخرى عن النص المترابط وهو موضوع يهمني كثيراً وظننت أنني كتبت عنه في الماضي لكن بعد بحث في مدوناتي السابقة وجدت أنني لم أكتب الكثير عن الموضوع، لذلك هذه بداية سلسلة مواضيع عن النص المترابط، ما هو ولماذا النص المترابط مهم وما هي تطبيقاته، وبما أن هذه المدونة هي دفتر ملاحظاتي ستكون هذه المواضيع بدون تخطيط أو ترتيب مسبق، هي محاولة لاستكشاف الموضوع.
ما هو النص المترابط؟
ببساطة هو نص يحوي روابط! النص شيء نعرفه ونقرأه في الصحف والكتب وفي مواقع الويب، ونحن نعرف النص المترابط في عالم الشبكة حيث يمكن للقارئ الانتقال من وثيقة إلى أخرى من خلال النقر على الروابط في النص، مثلاً لو وضعت هنا رابطاً لصفحة في ويكيبيديا عن النص الفائق (ترجمة ويكيبيديا مختلفة) سيتمكن أي شخص من النقر على هذا الرابط والانتقال من هذه الصفحة إلى صفحة ويكيبيديا، ومن ناحية تقنية سينتقل من حاسوب لآخر، مزود الويب الذي أرسل للزائر هذه الصفحة هو حاسوب مختلف عن مزود ويكيبيديا.
الفقرة السابقة تشرح شيئاً واضحاً لأي شخص يفهم تقنيات الحاسوب، لكن علي أن أذكر بأن هذه الأفكار الواضحة الآن كانت ثورية في الماضي، عندما كانت هناك شبكات مختلفة بتقنيات مختلفة لم يكن هناك طريقة واحدة للتعامل معها كلها، الانتقال من مزود لآخر لم يكن سهلاً وأحياناً كان مستحيلاً (بحسب التقنية) لذلك وجود تقنية واحدة تتيح للفرد الوصول لكل أنواع المحتويات بغض النظر عن مكان المزود ونوعه هي فكرة مذهلة.
الرابط هنا هو العنصر الأهم في تقنيات النص المترابط ولأن الرابط يتيح للكاتب ربط وثائق مختلفة فبالإمكان كتابة المقالات والكتب بطريقة مختلفة، بدلاً من كتابة الكتب بأسلوب خطي يبدأ من الفصل الأول وينتهي بالفصل الأخير يمكن للكتاب أو المقال أن يكتب بطريقة مختلفة، بأن يجزء إلى أجزاء منفصلة وتوضع روابط بين هذه الأجزاء والقارئ يمكنه أن يتنقل حسب الرغبة بين أقسام الكتاب أو المقال.
كذلك يمكن للكتاب أو المقال أن يبدأ بنقطة واحدة ثم يصل إلى مفترق طرق وينفصل إلى أجزاء عديدة تجتمع في النهاية في مكان واحد أو يمكن أن تكون هناك نهايات مختلفة.
فكرة النص المترابط يمكن شرحها حتى لمن لا يعرف الحاسوب، تصور أنك عدت في الزمن إلى وقت ما قبل الحاسوب، يمكن أن تشرح النص المترابط بالكتب، كثير من الكتب تحوي ملاحظات على الهامش وكثير من هذه الملاحظات يشير إلى مصدر آخر، إلى كتاب آخر أو ورقة بحث أو دراسة، هذا نص مترابط لكنه يتطلب من القارئ أن يبحث بنفسه عن الوثيقة أو الكتاب المشار له في الملاحظات.
الرابط لوحده يحتاج نظرة أعمق لأن هناك أنواع مختلفة من الروابط، هناك روابط تعمل في اتجاه واحد وأخرى تعمل في الاتجاهين، هناك رابط لمصدر واحد ورابط يقود لمصادر عديدة (يسمى fat link بالإنجليزية، رابط سمين؟!) هناك روابط يصنعه الناس وروابط تصنعها البرامج نفسها.
هذه مقدمة صغيرة عن النص المترابط وهناك مواضيع مختلفة أود تغطيتها:
تاريخ النص المترابط، يجب العودة لما قبل اختراع كلمة hypertext ثم الحديث عن أنظمة النص المترابط التي ظهرت منذ الستينات وإلى اليوم.
تاريخ الويب، شبكة الويب هي تقنية نص مترابط وهي التقنية الأشهر والأكثر استخداماً حول العالم ومع ذلك بعض المهتمين بمجال النص المترابط يرونها تقنية ضعيفة وسيئة لأسباب مختلفة، لذلك لا بد من فهم كيف ظهرت الويب وتاريخ تطورها، على الأقل في بداياتها وكيف أن بعض الأفكار المهمة لم تصل للويب لأسباب مختلفة.
أدب النص المترابط، موضوع أعترف أنني لا أعرف كيف سأكتب عنه، لكن لا بد من الإشارة له.
أعمال النص المترابط، قد أجد وسيلة لعرض بعض الأعمال الأدبية وغير الأدبية، هذا يتطلب بحثاً عن هذه الأعمال فبعضها غير موجود بأي شكل وبعضها قديم لا يمكن تشغيله.
كتب ومصادر عن النص المترابط، هذه لا تحتاج لشرح.
واجهات وبرامج النص المترابط، ما المتوفر اليوم من البرامج ويدعم النص المترابط؟