أحذر: لدي قصة معاملة، في حال مللت هذه القصص المتكررة فأنصحك بالهروب لأقرب مدونة أو هاتف.
(1)
يفترض بي أن أكون في الهند اليوم، لكن اعتذرت عن الذهاب، ألغيت التذكرة وأعدت تكلفتها لمن اشتراها لي، جزاهم الله خيراً، إليك ما حدث، لم تكن لدي أدنى رغبة للذهاب إلى الهند للمرة الخامسة وبالتحديد ليس في هذا الوقت، لدي مشاريع وأعمال أود أن أبدأها وكلما فكرت بواحد تذكرت أنني سأسافر فأتوقف، لا فائدة من أن أبدأ الآن ثم أسافر لأسبوع، سأحتاج أن أبدأ من جديد.
مع ذلك كنت أحاول إجبار نفسي على فعل ما لا تريد، أقنعت نفسي أنني إن اشتريت تذكرة واستخرجت تأشيرة دخول وبدأت أختم بعض الأعمال هنا وهناك سأجد نفسي متقبلاً للسفر أكثر، هذا لم يحدث، كلما اقترب موعد السفر ازداد قلقي وتضايقي إلى أن وصلت لمرحلة لم أعد أرغب بها في أن أسافر، لذلك تراجعت عن الأمر.
نصيحة لو نفذتها لتجنبت الإحراج، أذكر من كتب يقول أنك إن كنت تفعل شيئاً للآخرين فلا بد من أن يكون حماسك للأمر كاملاً، إما 100% أو لا شيء، أما المتردد مثلي عليه أن يقول “لا” ويحزم أمره، شيء لم أفعله، في الهند أناس ينتظرون وصولي وأعدوا لزيارتي منزلهم وهو مكان أحب زيارته والعيش فيه لأيام، لكنني خيبت أملهم ومن حقهم التعبير عن ذلك، لكن من ناحية أخرى لا يمكنني أن أذهب وأبقى هناك بينما عقلي وقلبي يبقيان هنا حيث أود أن أقرأ وأكتب وأنشر في هذه المدونة، كذلك لدي مسؤوليات أخرى.
(2)
قررت الخروج مبكراً للوصول مبكراً لمؤسسة لكي أنجز معاملة وأخرج مبكراً، وصلت إلى هناك وفتحت الباب وفي جيب الباب هناك أضع ملف أوراقي فأحمله وأنزل بسرعة وأمشي بسرعة وثقة نحو باب المؤسسة، كل هذا لم يحدث، نسيت الملف! وضعته على مكتبتي وتأكدت من كل شيء آخر إلا الملف “المحفظة في جيبي، صور شخصية في المحفظة، الهاتف .. تمام” ولم يكن الأمر “تمام” كما أردت، عدت إلى المنزل ثم عدت للمؤسسة.
الجو رطب وحار ويذكرني كثيراً بالهند، حتى الرائحة في الجو هي نفسها في الهند، أتسائل إن كان الجو يريد معاقبتي لعدم ذهابي إلى الهند؟
في المؤسسة ذهبت لمكتب الطباعة في البداية الذي سألني عن رقم الملف وهو شيء لا أعرفه ولا أذكر أن أحداً طلبه من قبل ذلك، أليس لديهم حاسوب يمكنه الوصول لمثل هذه المعلومة؟ أخبرني أن أذهب لمكان في الجهة الأخرى من المؤسسة ففعلت، هناك أخبروني أن أذهب إلى “يسار بعدين سيده” وكلمة “سيده” هذه تعني مباشرة أمامك وأظنه هندية الأصل، فعلت ذلك وسألت المكتب الأول الذي دلني على المكتب الآخر في الطرف الآخر من القاعة والذي بدوره أخبرني أن ما أريده ليس هنا، لم لا تذهب لمكان آخر؟
صعدت درجاً ثم آخر ثم بحثت عمن أسأله فوجدني رجل مسن طيب الملامح، قادني لمكتب مؤكداً أنه سيجد ما أريده وسألت فأخبرني الشاب في المكتب أن علي أن أذهب لأول مكتب لأن المعلومة التي أريدها هناك بالفعل، وطبعاً لا أجد غير أن أردد “خير” وهي لا تختلف كثيراً عن “طيب” لعادل إمام!
عدت إلى المكتب الأول وقلت للرجل هناك الذي يوزع أرقام الانتظار أنه مخطئ وأنه ضيع وقتي بلا فائدة، أو هذا ما أتمنى أنه فهم مني لأنني لا أوجه الناس بأخطائهم كما يفترض أن أفعل أحياناً، كل ما قلت له أن الآخرين أكدوا لي أن ما أريده هنا، أعطاني رقم انتظار وانتظرت، جاء دوري وأعطوني الرقم خلال دقائق، تباً لكل هذا المشي وصعود السلالم الذي احتجت لفعله لكي أحصل على رقم يتيم على ورقة بيضاء كتب عليها بقلم، لماذا لا توجد حواسيب لمن يريد مثل هذه المعلومات فنأخذ ما نريد دون أن نحتاج للموظفين؟ الإيجابية الوحيدة أنني مارست ما يكفي من المشي وركوب السلالم في هذا الجو الجميل الرطب والحار.
مكتب الطباعة يعمل بكفاءة ولم يحتج الأمر للكثير من الانتظار، هناك حاولت شراء عبوة ماء لكن ليس لدي “خردة” وكان هناك رجل بجانبي قال “تم” ودفع من جيبه، مثل هذه اللحظات هي ما يجعلني أصبر على مثل هذه الأعمال، هناك أناس طيبون، يكفيني أن أدخل في نقاش ودي مع أحدهم لتمضية الوقت وهذا ما حدث هناك اليوم.
من مكتب الطباعة إلى مكتب الموظف، أنجزت العمل ولله الحمد، لدي بطاقة إضافية أضعها في محفظتي الآن، بطاقة لا فائدة منها إلا في مؤسسة واحدة وحتى هذه المؤسسة لا يفترض أن تطلبها مني وأنا لدي ورقة تغني عنها، لكنها الإجراءات البيروقراطية، لا تحاول أن تحكم عليها بالمنطق لأن المنطق لم يصممها.
حبي للتبسيط يتضارب بشدة مع كرهي للبيروقراطية لدرجة تجعلني أكره حتى الحاجة للنظر في الأوراق، لكن هذا ما يجب علي فعله خلال أسبوع أو أسبوعين، أنا عائد لنفس المؤسسة.
(3)
تطبيقات الدردشة في الماضي كانت تحوي خاصية أن تضع نفسك في وضعية “البعيد” أو Away، إشارة إلى أنك بعيد عن الحاسوب ولست متفرغاً للحديث مع الآخرين وبالطبع الآخرين عليهم احترام الإشارة وعدم بدء الحديث معك، هل كانت التطبيقات تمنعك من الحديث مع الناس الذين يختارون هذه الوضعية؟ لا أذكر حقيقة.
خبر إغلاق AIM من أمريكا أونلاين ذكرني بهذه البرامج، لفترة استخدمت برنامج مسنجر من مايكروسوفت وكان هذا البرنامج هو الشبكة الاجتماعية في ذلك الوقت للكثير من الناس، الفرق طبعاً أنه أصغر حجماً وأنه لا يملك نقطة مركزية واحدة تتيح للناس رؤية ما يكتبه الآخرون كما يحدث الآن في تويتر وفايسبوك، أنت ترى فقط محادثاتك مع الآخرين، لا يمكنك أن ترى محادثات الآخرين كمتفرج دون معرفتهم أنك معهم ولن تكون معهم دون استضافة.
الشبكات الاجتماعية اليوم وكثير من التطبيقات لا تتيح لك خيار Away لأنهم يريدون طلب انتباهك، نعم في تويتر لا يعرف أحد أنك تزور تويتر، لا أحد يرى رسالة تقول أن فلان من الناس موجود الآن على تويتر، لكن تويتر لن يوقف سيل الرسائل إن كنت خارجه، ولن يوفر خاصية تمنع كل الرسائل أو “التويتات” من ظهورها في الخط الزمني لديك، تويتر ليس لديه مصلحة في أن يحمي انتباهك منه، بل مصلحته أن يجذب انتباهك طوال الوقت.
منذ عقد وأكثر الآن وهناك من يكتب مطالباً خاصية في البريد أو في الشبكة عموماً، خاصية إيقاف السيول، تصور أنك ستسافر لإجازة وفي أثناء ذلك لا تريد أن يصلك شيء إلى بريدك الإلكتروني أو في التطبيقات والشبكات الاجتماعية، وعندما تعود لا تخبرك الشبكات أو البريد الإلكتروني بما فاتك، ليس هناك 100 رسالة أو أكثر تنتظر إجابتك، ليس هناك 10 آلاف شيء جديد في الشبكات الاجتماعية والتطبيقات، هناك الكثير فاتك ولا بأس بذلك.
لكن هذه الخاصية لن تظهر اليوم، أناس كثيرون ينتظرونها منذ عشر سنوات وأكثر.
(4)
إن كان هناك شركة تقنية تريد قراءة قصتها فما هي هذه الشركة؟ أجبني في تعليق.
في حال تلقيت مقترح واحد سأكتب عن الشركة، لكن هناك استثناء، لا أريد أن أكتب عن: أبل، مايكروسوفت، غوغل، فايسبوك أو تويتر، هذه الشركات تحتاج لنظرة ناقدة في وقت آخر.